تظهر هذه الأورام في الأطارف والوجه، وقد تنتشر على طول الحاجبين والأنف والشفتين والخدين بحيث يتشوه الوجه، ويكتسب طابع وجه الأسد، ولذا سمي الجذام أيضا بمرض (الأسد) أو (التأسد).
وكثيراً ما تنتشر العقد الجذامية على طول أصابع اليدين والقدمين، فإذا ما أصابها التقيح أعقب ذلك عادة تنخر في عظام الأصابع فتسقط من نهايتها، وقد تكرر هذه العملية إذا سار المرض من تلقاء نفسه في هذا الاتجاه، فلا يلبث المريض أن يفقد أصابع يديه أو قدميه. وقد يجيء الوقت الذي لا ترى من يديه إلا الكفين بعد أن فقدتا أصابعهما العشر كذلك يكون الحال بالقدمين.
وبعد أن ينال المرض غايته من أجزاء الجسم الخارجية يحول طريقه إلى الأعضاء الداخلية فيصيب الكبد والطحال والكليتين والأعضاء التناسلية وهلم جرا كلا بدوره، ويحدث فيها من التشويهات ما شاء له، ويأكل خلاياها الحية ويترك مكانها أوراماً خبيثة ملآى بملايين الملايين من مكروبه تزحف بمرور الوقت إلى ما يجاورها من أجزاء الجسم السليمة أو تبعث برهط منها عن طريق الدورة الليمفاوية إلى أجزاء أخرى من الجسم بعيدة عنها، وتلك تنشئ مستعمرة لها في هذا الجزء الذي حلت به، وهكذا دواليك إلى أن يقضي المريض نحبه. وعلى ذلك فمريض الجذام شخص حكم عليه بالموت البطيء، لا بل هو شخص تعس حكم القدر عليه أن يرى جسمه يتساقط أجزاء ويأكله المكروب حياً كما تأكل الديدان رمة بالية. هذه صورة مصغرة لأعراض هذا المرض الوبيل، في بدئه ونهايته.
ولدراسة هذا المرض ومكافحته أجرى العلماء تجارب عدة على أنواع مختلفة من الحيوان، فحقنوا الفيران والماعز والقرود بمكروب الجذام، وفي كثير من الحالات ظهرت أعراض المرض عليها بعد ردح من الزمن. وقد وفق (آرننج) للحصول على إجازة من السلطات المختصة بجزيرة (هاواي) لعمل تجارب على قاتل يدعى (كينو) حكم عليه بالإعدام، وقد خفف هذا الحكم إلى السجن المؤبد لكي يحقنه (آرننج) بمكروب المرض، وبعد حقنه بعامين تقريباً ظهرت عليه أعراض الجذام المعروفة، وابتدأ جسم هذا الرجل الذي كان يتدفق قوة وبطشاً يتهدم شيئاً فشيئاً. وبعد سنتين أخريين كان (كينو) في أثنائهما يكافح المرض بقوة جسمه، قرر طبيب السجن إحالته إلى مستعمرة المجذومين (بمولكاي) بجزيرة