بين الطالب الأزهر وبين مواد الدراسة الثانوية المدرسية قطعاً، ولكنه زحزح هذه المواد عن مركز الصدارة ليفسح لعلوم الدين والشريعة واللغة والعلوم العقلية مجالا لا تجده في غير هذه المعاهد، وهذا من غير شك تصرف حكيم، على أن يضاف إلى برامجه أيضا دراسة اللغة الأجنبية كما في المدارس الثانوية.
هذا هو رأيي الذي وعدت به في مقالي السابق، وأعتقد أني قربت به من شقة الخلاف، بل لعلي أزلت أسباب الخلاف، وما كان الأستاذ الزيات، وهو الذي يعيب على الأزهر الضعف، وتعطيل العقل، وإبطال الاجتهاد، ويرجو بالأزهر تجديد الدين، ونهضة الشرق عن طريق ثقافته المشتقة من مصدر الوحي وقانون الطبيعة؛ ما كان ليرضى أَن يُبتر الأزهر هذه البترة النكراء، أو أن يجادل في الحق بعد ما تبين؛ وذلك أيضا ما أعتقده في الأستاذ الكبير العقاد الذي يتحدث عن العقلية الأزهرية حديث الاعتراف والإعجاب، وما كانت العقلية الأزهرية لتفوز بهذا الاعتراف وهذا الإعجاب لو نشئت في المدارس الابتدائية.
أما بعد، فإن الأزهر - كما قلت في مقالي السابق - لا يحتاج إلى تعديل جوهري في نظامه الحاضر، وإنما يحتاج إلى (تنفيذه) معنى وروحا بأيد قوية حازمة، وأعين بصيرة، وقلوب مؤمنة، وعقول على التدبير له والتفكير في شأنه مقصورة. . . وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. . .
محمد محمد المدني
(الرسالة): يوفقنا صديقنا الأستاذ المدني على الغرضين المفهومين من اقتراح الرسالة وهما: (تجديد الأزهر وتوحيد التعليم على الوجه الذي يحفظ للأزهر طابعه وللأمة وحدتها، ولكنه يخالفنا في التطبيق. وأرى أن المناقشة في تطبيق المبدأ قبل إقراره عناء لا يجدي، وبناء لا يقوم.