واحذروا أن تفتحوا باسم الحرية أفواهكم. . . وإلا نزلت هذه السيوف على أعناقكم، وضربت هذه المدافع دوركم، وكان هؤلاء الجند الذين هم أبناؤكم عونا عليكم. . . فجاء رئيسنا يعرضه اليوم، ليقول: انظروا إلى جيشكم الذي يذبّ عنكم، ويحمي حريتكم، إنه لكم!
فلا تلوموا دمشق إن مشت كلها من قبل مطلع شمس يوم الجلاء لتشهد هذا العرض. إنه عرض مبارك، التقى فيه أول مرة الأخوان الذين كانوا يتعارفون على السماع لا عرف الأخ منهم أخاه، فمشى فيه الجندي المصري إلى جانب العراقي، والنجدي إلى جنب اللبناني، والأردني مع اليماني، مشوا جميعا في طريق واحدة على قدم واحدة إلى غاية واحدة.
اسمعوا، فهذه هي المدافع ترعد وتدويّ وتزلزل الجوّ رجّة واهتزازاً انظروا فهذه هي الطائرات تحوّم وتحمحم، وتعلو وتنحط، وتجيء وتذهب، ولكن لا تفزعوا، فإنها لن تؤذيكم، إنها ليست مدافع الفرنسيين التي تدمر، ولا هي طائراتهم التي تصبّ الحمم! لقد ذهب الفرنسيون ولن يعودوا. إنها مدافعنا نحن، لقد صارت لنا يا قوم مدافع. . . إنها طياراتنا، لقد صار للعرب طيارات، إنها أول مرة نسمع فيها المدافع تنطق بإرادتنا وأيدينا، ونرى الطيارات تعلونا فلا ترمينا بالقنابل التي فيها الموت بل بالقراطيس التي فيها السكر، تسقط في مظلات صغيرة هدية من مصر ومن العراق، وبشرى بأن أيامنا الآتية ستكون حلوة كالسكر.
أنتم أفضتم على هذا العيد بهاءه. أنتم ألبستموه رونقه. أنتم جعلتموه أعظم وأجلّ، حين جعلتموه (يوم العروبة) كلها، لا يوم سورية وحدها، وبكم بعد الله قوينا على حمل أثقال الجهاد، وأعباء الظلم، حتى منّ الله علينا فظفرنا، وعليكم أنتم ستقف عزائمنا وأموالنا وسواعدنا، وفيكم سنبذل مهجنا وأرواحنا، حتى يمنّ الله على أقطار العربية كلها بالحرية كما منّ بها علينا، بالحرية النقية التي لا تعكرها حماية ولا وصاية ولا انتداب، إننا لن نلقي السلاح وفي الدنيا بلد إسلامي يحتله أجنبي!
وأنت يا علمنا. . . اخفق مطمئناً، فقد عدت إلى مكانك، ولن تنزل منه أبداً. لن يغلبك عليه