إذا حفزته نزوة إلى العسف، وإنه في الواقع لا يجني من النقد سوى عداوة الناس، وخصومة الأصدقاء. فإلى هؤلاء وأضاربهم أقول: ما أكثر ما يقال في الناقد من حق ومن باطل، وما أحوج الناقد إلى الجرأة والصبر على مخالفة الناس، لا لأنه أعرف ببواعث نفسه على النقد من سواه، وأبصر من تسديد سهامه إلى أهدافها، وأكثر نخوة على الحياة الأدبية من كل الناس، بل لأنه غيور على الأدب مخلص للحياة الأدبية، بيد أن مؤلف (الغربال) يقول. . .:
(. . . إن مهنة الناقد الغربلة، لكنها ليست غربلة الناس، بل غربلة ما يدونه قسم من الناس من أفكار وشعور وميول. . . وظيفة الناقد حك فكره بفكر المؤلف، واستجهار عاطفته، وتنقية قمحه عن زوانه واحساكه.