اللازمة للاقتراح، والتي لا يخطئ في إدراكها حدس، ولا ترتاب في وجودها نفس، إلا من يرتاب في وجود الظلام بعد مغيب الشمس - فيصور لك هذه الحقائق ظلا حائلا، وخيالا ماثلا، ووهما باطلا!
فهذه السنوات الست التي يراد اقتطاعها من المدة المقدرة للتعليم في المعاهد الدينية ليست نصف اثنتي عشرة سنة كانت قبل كافية لنيل الطالب المجد شهادة العالمية! وليس لها أثر يذكر في إعداد الطالب وتزويده بزاد نافع من الشريعة ومن علوم اللغة العربية؟ ومن ذا يقول إن الستة نصف الإثني عشر؟!
وكيف يزعم زاعم أن هذا الحل الحاسم الذي ارتضاه الأستاذ العقاد يستلزم إلغاء حفظ القرآن، أو يسلب الطالب الذي يريد أن يلحق بالمعاهد ست سنوات أخرى كان يقضيها في حفظ القرآن استعداداً لقبوله بالمعاهد - كيف؟ وهذا الحل الحاسم يعطي الطالب فرصة واسعة يستطيع أن يحفظ فيها القرآن، وأن يحفظ غير القرآن من المتون التي لا بد من حفظها لتحصيل ما لابد منه من المسائل الدينية واللغوية؟
ألم يأذن له هذا الحل بثلاث سنين كاملة من خمس السنين التي للقسم الذي كان يدعي أمس (القسم الثانوي)؟
أو ليس في هذه السنوات الثلاث وفاء بما يلزم له من الوقت لدراسة مواد الثقافة المقررة على أمثاله في الشعب التوجيهية بمدارس وزارة المعارف حتى يتم للأمة بهذه الدراسة الحصول على حجر الفلاسفة، فتقبض بكلتا يديها على حقيقة الحقائق، ووحدة الوحدات؛ وحدة الثقافة!
أو ليس في هذه السنوات الثلاث بعد متسع لتحصيل الطالب ما تشتد حاجته إليه من علوم اللغة، وقواعد الدين وفروع الشريعة ليصير أهلا للدراسة العالمية في كليات الأزهر، وسيكون أهلا للاجتهاد (حتى لا يظل الأزهر كما هو يملك الكلام، ويجتر الماضي، ويقتات الفتات، ويبطل الاجتهاد، ويعطل العقل، ويصم أذنيه عن أصوات العالم وحركات الفلك!)
ثم إن لم يكن في هذه الثلاث السنين بلاغ إلى الزاد، الذي يوصله إلى مرتبة الاجتهاد! ولم يجد الطالب فيها بديلا من الست السنوات التي سلبها، وكان يحفظ فيها القرآن قبل التحاقه بالأزهر ومعاهده - فهل تظن أن النظام المقترح يكلفه طائلا أو يجشمه أمراً هائلا؛ أو أنه