يعدل به عن قصد السبيل ويسلك به طريقا جائرا، يظل فيه عمره حائرا، يهيم في أودية الظلال، ويخبط بين شعب الخيال، لا يجد دليلا، ولا يهتدي سبيلا؟. . . كلا!
أليس للأزهر الحق في أن يزيد في زمن الدراسة بالقسم الثانوية منه سنة أو سنتين أو ما شاء أن يزيد من سنين يرى في زيادتها فائدة الطالب، ونجاح التعليم، وتقدم العلم طبقا لمقتضيات التطور العلمي والاجتماعي في هذا العصر الجديد.
ثم هو بعد أن بلغ الحلم، وحصف عقله، مستطيع في يسر أن يحفظ القرآن وهو بحال: يحفظ ما يفهم، ويفهم ما يحفظ.
وهل على الأزهر من بأس في أن يقبل هذا الوضع الجديد الذي يمليه منطق الحوادث، وتقتضيه طبيعة الزمن فيضاف إلى رجليه القديمتين اللتين كان يمشي بهما رجلان أخريان من أرجل الثقافة الموجودة بمصانع وزارة المعارف ليساعد التطور، ويجاري الزمن. وبذلك تتحقق للأمة وحدتها المفقودة، وتنتفع بميزة الإسلام: مرونته، ومسايرته للتطور، ومطاولته للزمان، وذلك من مزاياه المعدودة. ثم لماذا يخاف الأزهر من طغيان المواد المدنية على المواد الدينية في الدرس والتحصيل ما دام الوقت متسعا؛ والأستاذ كفئاً؛ والكتاب مهذباً؛ والمنهاج مستقيماً؛ وتوزيع المواد دقيقاً؛ والإدارة حازمة؛ والمراقبة يقظى.
وأقول إن هذا الذي يذكره الأستاذ حق ولكن:
كيف السبيل إلى سعاد ودونها ... قلل الجبال ودونهن حتوف
والرجل حافية ومالي مركب ... والكف صفر والطريق مخوف؟
وهل توافرت هذه الشروط السبعة في مدارس وزارة المعارف وهي أقوى في النظام وحسن الإدارة ويقظة المراقبة؟
لا ريب في أن الأستاذ الزيات يرمي بما كتب إلى غرض جليل، يحمله على الدعوة إليه قصد شريف، ووجدان نبيل. فأما الغرض الذي يرمي إليه فهو إصلاح الأزهر ليتحقق بهذا الإصلاح أمران عظيمان: وحدة الأمة بتوحيد الثقافة، وإنشاء جيل من العلماء القادرين على الاجتهاد، لتجد الأمة في علمهم المثقف ما يحمل مشكلاتها الاجتماعية والعائلية، بما في الشريعة من سماح وما في الدين من يسر. فإصلاح الأزهر هو الوسيلة إلى تحقيق هذين الغرضين الجليلين؛ وما اقترحه مدير الرسالة، وآزره عليه الأستاذ العقاد، هو سبيل