- أوه! إذا لم تذهب، فإنها ستتطور إلى مرض من أمراض الأطفال مثل الحصبة أو الحبوب القرمزية.
- إني آمل على الأقل أن لا يكون الجدري.
الجدري! هذا هو الذي يروعني، إذ قد قرأت في الصحف هذا الصباح أن ذلك الوباء قد بدأ يقل، ولكن لا يزال له ضحايا. فهل الإله الذي سلب من تلك الأمهات المسكينات نعمة سرورهن وهي أطفالهن، سيعافيني أنا من هذه الكارثة؟
إن الطبيب لا يعرف ماذا يقول، ولهذا ينطق بمثل الكلمات التي أنطق بها لأسلي بها نفسي، وهي: أن الطفل في صحة حسنة، وأن مرضه إلى الآن ليس خطرا، ولكن من المؤسف أن كل ما يقال لي لا يطمئنني.
اليوم لم نكد نتحادث على مائدة الغداء، ومع ذلك فقد لاحظت على راؤول اتجاها حسنا ينعطف به نحو الاستسماح وكأنه كان يقوم بمجهود، لأغفر له سوء المزاج الذي ظهر منه في هذا الصباح أو الخيانة التي ينتويها في هذا المساء، وقد سألني قائلا:
- هل الطفل أحسن حالا؟
فأجبت قائلة:
- لا، بل بالعكس، إن ليلته كانت سيئة، وإنني لقلقة. قلت هذا والدموع تطفر من عيني غضبا بقدر ما كانت تطفر حزنا. فلما رأى هذا نهض واقفاً وأراد أن يقبلني، وإذ ذاك تذكرت تلك المرأة التي يلمس خديها وشفتيها أيضا، فابتعدت سريعاً مدفوعة بغريزتي ولم يلمس مني إلا شعري، فعاد إلى مقعده ولاحظت عليه في هذه اللحظة أن لونه صار شديد الامتقاع، وتملكه الانفعال حتى كسر قاعدة كوبته، ثم ظللنا ساكتين إلى أن انتهى الغداء. وعلى أثر ذلك، وفي نفس اللحظة التي أخذ يشعل فيها لفافته صعدت إلى حجرة الطفل.
كن رؤوفا بي يا إلهي وساعدني وامنحني الثقة والشجاعة اللتين تمنح المرأة المتدينة إياهما في وسط ما تبتليها به من أحزان، فأنا أشعر في قرارة نفسي أن قوتي لا تكفي لمقاومة