وجعلنا كلما قلبنا مجلة من المجلات السيارة في الغرب رأينا فيها دليلاً على هذه اليقظة الروحية وهذا الشوق العريق في النفس البشرية إلى عالم غير عالم الحس والعيان.
ومن أمثلة هذه اليقظة تحفز العالم البروتستانتي في الولايات المتحدة لاستعادة سلطان الكنيسة على اتباعها وإدخال التعليم الديني في جميع المدارس العصرية. فإن رؤساء الكنيسة هناك يستعيرون عنوان ويلكى (للعالم الواحد) لينشروا الدعوة إلى (عالم واحد في ظل العقيدة الدينية) ويودون لو هيأت الحرب ومنازعاتها فرصة للسلام بين الأديان أو فرصة لاتفاق الناس في عالم الروح.
قال خطيب منهم في المجمع البروتستانتي بمدينة نيويورك:(إن الدين خليق أن يكون أكبر القوى الموحدة بين الأسرة البشرية. فهي تعرف به قوة إلهية واحدة وقانوناً أخلاقياً واحداً وأسرة واحدة من بني الإنسان. ولكنه على نقيض ذلك كان عاملاً من أكبر عوامل التفريق والتمزيق بين كل قبيل، ومهد الغدر لذلك الأيرلندي الساذج الذي أحزنه طول الخصام بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية فقال: ليت الله يجعلنا كلنا ملاحدة ننكر وجود الله أصلاً لنعيش معاً بعد ذلك كما ينبغي أن يعيش المسيحيون. . . في سلام!)
وقال هذا الخطيب - هاري ايدسون فوسديك - إنه لا يعني بالوحدة الدينية أن المسيحية مثلاً تعلم أتباعها ما يتعلمه البوذيون من ديانتهم أو من البيئة البوذية، ولكنه يلاحظ أن الذين سعدوا بعشرة أناس من البوذيين أو المسلمين المهذبين يحسون شيئاً من القرابة بين المؤمنين بهذه العقائد الدينية، ويرجون صادق الرجاء أن تتيح لهم هذه القرابة سبيل التعاون على بلوغ الغاية المشتركة التي ننشدها أجمعين.
وعند الخطيب أن الخلافات الدينية قد نشأ أكثرها من الجدل العقيم، ويضرب لذلك مثلاً رواه عن لويد جورج السياسي البريطاني المشهور بفكاهاته الجدية وفكاهاته الهزلية على السواء. قال إنه كان يسوق سيارته في بلاد الغال الشمالية ومعه صديق يتحدث إليه في شؤون الديانة، فقال السياسي الكبير: (إن الكنيسة التي أتبعها تتمزق الآن بنزاع عنيف على مسألة التعميد، فطائفة منها تقول إن العماد إنما يحصل باسم الأب، وطائفة أخرى تنكر هذا وتقول: بل يحصل العماد إلى اسم الأب ولا يحصل بحرف الباء. وإنني لا أكتمك أنني تابع إحدى هاتين الطائفتين وإنني شديد الغيرة عليها وعلى استعداد للموت من أجلها.