وقد أحسن الخطيب الأمريكي في كلامه عن الفصل بين الدولة والكنيسة لأنه يقول إن الفصل بينهما قاعدة أساسية في حكومة الأمة الأمريكية، ولكنه ينتقده إذا فهم القول من معناه أن تعليم الأديان محرم في المدارس وأن تعليم الإلحاد فيها مباح ومطلوب.
ففي الوقت الذي تدرس فيه كتب (فرويد) ويتعلم منها الناشئ أن الديانات وهم من أوهام العقل الباطن وحيلة من حيل الغريزة الجنسية، ينبغي أن يتفتح عقله لسماع كلام غير هذا الكلام عن دعاة الروح وسير القديسين والأنبياء، وينبغي أن يتوازن تفكيره بين وجهات النظر حتى لا يصبح التحيز إلى جانب الإلحاد آفة عقلية شراً على رأس الناشئ من التعصب الديني الذميم، ومن ضيق العقل في ناحية الإيمان والتسليم.
وهذا كله صحيح لا يختلف فيه المنصفون. فمهما يكن من شأن الدين فهو تراث إنساني عريق الأصول شديد السلطان على العقول، فليس في وسع أحد أن ينساه أو يتناساه في دور التنشئة والتعليم. وليس من العقل نفسه أن يستخف بقوة كهذه. القوة كأنها قد خرجت خروج الأبد من ميدان الحياة الإنسانية فإن الذي يريد أن يخرجها خروج الأبد لم يلبث هو نفسه على قدمين بضع سنين!! وقد رأينا المبشرين بالفلسفة المادية في روسيا الشيوعية يحنون الرؤوس أمام هذه القوة ويفسحون لها الطريق مكرهين، فإذا كانت في هذه التجربة عبرة (عقلية) و (علمية) فعبرتها العقلية والعلمية أن قوة الدين حقيقة راسخة لا يستأصلها كل من يريد، وهو لا يدري ما يريد.
وفي مجلة أمريكية - هي مجلة هاربر المشهورة - بحث آخر عن موضوعين: موضوع التقاليد الدينية وموضوع الغريزة الجنسية، يقول فيه الكاتب - جون مكبارتلاند - إن كنيسة الشعب الأمريكي في الأجيال الثلاثة الأخيرة قد تغيرت مدى بعيد، ولكن العقائد الدينية والقواعد الأخلاقية لم يصاحب هذه التغيير إلى أقصى مداه ولا إلى بعض مداه. فنحن أمريكين اليوم نحب النهود والأفخاذ لأننا نشاهدها كلما فتحنا الشرفة أو ذهبنا إلى الصور المتحركة أو نظرنا إلى غلاف رواية، ولكننا نستعيذ منها في (البيئات المحترمة) كأنها رجس من عمل الشيطان، فما مصير هذه (الثنائية) الكاذبة في المعيشة والأخلاق؟
مصيرها تدل عليه وثائق الزواج والطلاق. فقد أحصيت نسبة الطلاق في أربعمائة ألف