للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فضلاً عن كونها من مبادئ مذهبهم تعد في رأيهم الآن طريق الخلاص من وليم لود أسقف لندن خصمهم العنيد.

وقتل بكنجهام بيد مغتال لأمر لا يتصل بالسياسة فتنفس الناس الصعداء، وخفف عنهم ذلك مروق ونتورث شيئا قليلاً ودأب الملك في جمع ضريبة التجارة، وعاد الجند يفرضون على الناس لإطعامهم وإيوائهم أينما انتقلوا، ونظر النواب فإذا ملتمس الحقوق لم يبقى فيه من الحقوق شيء.

فلما اجتمع البرلمان سنة ١٦٢٩ كانت قلوب أعضائه مليئة بالسخط على الملك الذي نقض عهده، وأخذ البرلمان يدعوا إليه بعض المسؤولين ليستجوبوهم عما عدهم مخطئين فيه مما يتصل بحماية ضريبة التجارة فكان عمله هذا تحدياً لإرادة الملك.

وأعد بعض النواب مقترحاً فحواه أن جباية هذه الضريبة عمل غير قانوني فليس على الناس أن يدفعوها، وصاح فيهم رئيس المجلس أن الملك قد أمره ألا يكون موضع مناقشة، ونظر الرئيس فكأنما أنقلب المجلس بركاناً يلفظ الحمم، وصعب عليه أن يتبين ما هز أرجاء القاعة من عبارات صاخبة فمن احتجاج على التدخل الملك في إدارة الجلسة ومن هتاف بوجوب الإصرار على المقترح، ومن صيحات موجهة إلى الرئيس أن ينزل عن كرسيه إلى غير ذلك من مظاهر الغضب والسخط، وذهب بعض النواب فأغلقوا باب القاعة وجاءوا بمفتاحها فوضعوه على المنصة وأنزل عضوان الرئيس عن كرسيه بالقوة وبعض اللوردات وكبار الموظفين يطرقون الباب في غير جدوى إلى أن قرء المقترح ووافق عليه النواب في حماسة عظيمة، ومما جاء في فيه قول النواب (إن من يحدث تغيراً في الدين أو من يفرض ضريبة جديدة أو يدفعها بغير موافقة البرلمان فهو عدو للملكة).

ولما نما ذلك إلى الملك لم يسعه إلا حل البرلمان فحله في اليوم الذي تحدد لاجتماعه بعد هذه الجلسة المشهودة، وأمر الملك فقبض على بعض أعضاءه وأرسلوا إلى السجن، وكان في مقدمتهم سيرجون إليوت صديق همبدن وصاحب المقترح، وبعد مضي بعض الوقت تاب الأعضاء مما فعلوا فخلى سبيلهم إلا اليوت فقد ظل على إصراره. وساءت في السجن حالته ومشى السقم في بدنه فما زاده ذلك إلا عناداً وإصراراً. واقترب منه الموت بعد بضع سنين فما أخافه شبح الموت ولا أوهن له اصطباراً ولقي النائب الشجاع حتفه بين جدران

<<  <  ج:
ص:  >  >>