. . . ولا ينبغي أن يخشى أولئك الاجتماعيون - الذين يريدون أن يستأثروا بهذا الوصف وحدهم. . . لست أدري لماذا؟! - لا ينبغي أن يخشوا أن ينحرف الأديب - إذا لم يقيد إنتاجه بالغرض الاجتماعي والهدف النفعي - إلى قضايا الشر يؤيدها ويمجدها ويحث على إثارتها. . . فيهود بذلك المجتمع ويصبح حرباً عليه، حين كان يؤمل فيه - لو أنه توجه في تياره - أن يكون عوناً له ونوراً به يستضئ. . . لا ينبغي أن يخشى أولئك الاجتماعيون، شيئاً من ذلك على الإطلاق، لأننا لا نعرف الفنان إلا خيراً، ولا نعرف الفن إلا خيراً صرفاً كله؛ لأنه لا يجوز في الذهن - والفنون بالبداهة أسمى كنوز الإنسانية، وأغلى ما تعتز به من تراث - أن تكون نفس الفنان مركبة على حب الشر والنزوع إليه. وما هذا الأدب الشرير الذي منه يتوجسون وعلى مجتمعهم منه يشفقون، إلا غطاء ظاهري نسجه المجتمع اللعين، وظاهره في ذلك القدر فطمر على ينابيع الخير الثرة في النفس الفنانة الشفيفة
. . . لا خوف على الإنسانية من شر ظاهري زائف، يفضحه الخير المتأصل في النفس - ونعني بها هنا نفس الفنان - تأمل الخصب في الأرض الطيبة السمحة!