أقسم بالله العظيم، أن هذا الذي مر بك - أيها القارئ - هو من عمل الدكتور عبد الرحمن بدوي، نشره بتوقيعه في كتاب مطبوع بمطبعة الاعتماد سنة ١٩٤٦ تحت عنوان مرآة نفسي ديوان شعر. تأليف عبد الرحمن بدوي) وأنني لم أكن كاذباً ولا مدعياً ولا مزوراً، ولم أدس شيئاً على (الشاعر) لم يثبته في ديوانه؛ وأنني لم أقصد إلى (القذف في حقه) ولا (التشهير به) بنسبة هذا الكلام إليه!!!
ولقد هممت أن أثبت هذه النصوص (بالزنكوغراف) لتكون شاهدي إذا خطر للنيابة العامة أن تقدمني إلى المحاكمة بتهمة (القذف) في حق الدكتور بدوي. وتعريفها:(نسبة أشياء إلى شخص بحيث لو صحت لأوجبت احتقاره بين أهل وطنه)!
ولست أتعمد الإساءة إلى هذا الشاب الذي نشر هذا الكلام بل الحق أنني قد أكون شديد الإعجاب - إلى حد الدهش - بجرأته الخارقة!
إنه مدهش!
مدهش أن ترتفع جرأته النادرة إلى حد أن يواجه الناس بهذا الكلام، وينشره في ديوان، ثم لا يقدمه إليهم في تواضع ويدع لهم أن يقبلوه أو يرفضوه، بل يطلع عليهم به في ادعاء عريض ويقدمه إليهم بإعلانات غريبة عن العبقرية والآفاق الجديدة التي لم تخطر لهم ببال!
كل هذه الفهاهة في التفكير والتعبير؛ وكل هذه الركة في النظم والأداء؛ وكل هذه الأخطاء اللغوية. . . وكل هذه البراءة من الحساسية الموسيقية والذوق التعبيري؛ وكل هذه التفاهة الصبيانية في الحس والتصور. . . وكل هذا الإعياء حتى في النظم اللفظي. . .
كل هذا. . . وينشر سنة ١٩٤٦ لا سنة ١٨٢٠ أيام كانت هذه اللغة (الوقائع المصرية) ولغة جماعة من الأرمن المستعربين!
إنها جرأة تستحق الإعجاب بكل تأكيد!
ولفت نظري في القصيدة الأخيرة (مناجاة) أنه يقول عنها (وهذا ضرب جديد من النظم. وفيه كل بيت مقسم ثلاثة أقسام مقفاة بقافية واحدة)
لفت نظري هذا؛ لأن هذا الضرب قديم يعرفه كل من قرأ شعراً قديماً. . . ثم لقد نظم منه (الغول) الذي نعرفه جميعاً في (حواديت) العجائز.