للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غيرها، أو معهد من معاهد التعليم على غيره، وفيهم من تأخذه عنجهية هذه العصبية إلى أبعد مدى، فيحتكر العلم أو التعليم لأبناء طائفته أو معهده

ولعل من المضحكات أو المبكيات ما روى من أن مصلحة من مصالح الحكومة أرادت أن تتحرى العدالة في اختيار في اختيار موظفيها لتبرأ من المحسوبية المتفشية في الدواوين وغير الدواوين، فعقدت امتحان مسابقة تختبر به كفايات المتقدمين ومقدار صلاحيتهم للأعمال التي ستناط بهم وتوكل إليهم، ولم يكن العمل يتطلب تخصصاً ضيقاً، وتقدم إلى هذا الامتحان جمع من معاهد شتى، وانقضت أيام وأعلنت النتيجة، فإذا الأول من معهد، والثاني والثالث والرابع من معهد آخر، فاختار مدير المصلحة الثلاثة دون الأول، لأنهم من المعهد الذي تخرج فيه، فهم لذلك دون غيره أصلح للعمل معه!

ولا تظنن أن هذا المثال الفريد في بابه، فكثير مثله يجري كل يوم في كل مصلحة وفي كل عمل، يختار المتعلم من هذا المعهد دون سواه، لأن رؤساءه منه، أو لأنه ينتمي إلى طائفة قد أصبحت طبقة يجب أن يعمل حسابها ولا يستغضب أبناؤها، ولسنا نبالغ في تجسيم هذه العصبية المعهدية وبيان أثرها مبالغة المتعصبين المعهديين في امتداح أنفسهم وطوائفهم ومعاهدهم، والحط من قدر الآخرين وطوائفهم ومعاهدهم، وذكر العنت الذي يقع عليهم دون سائر الناس

ألم يبلغك الخلاف الذي قام بين خريجي المعلمين العليا ومعهد التربية، والانتصاف لهؤلاء مرة ولأولئك أخرى، لأن مقاليد الأمور كانت في يد هؤلاء مرة وأولئك مرة أخرى؟!

ألم يبلغك الخلاف الذي قام قبل ذلك بين هؤلاء المعلمين وبين الجامعيين والذي لا تزال له آثاره حتى اليوم؟

ألم يبلغك الخلاف الذي قام بين بعض الجامعيين وأبناء دار العلوم، وما له من أثر وبيل إلى يومنا هذا؟!

ألم تقرأ عن هذه الحرب الشعواء بين أبناء الأزهر وأبناء دار العلوم، والتي اتخذت لنفسها صوراً وأشكالاً لم يكن الشعب المصري يألفها من قبل؟

اختر لنفسك أي مدرسة من مدارس هذا القطر من الإسكندرية إلى أسوان للبنين أو للبنات، واختبر حالة المعلمين والمعلمات، فسيأخذك الدهش من كل جانب لأنك ترى هؤلاء الذين

<<  <  ج:
ص:  >  >>