للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يعيشون للعلم وللتعليم أحزاباً متنافرة، لا لشيء إلا لأن كل فريق من معهد، وقد أدت سياسية الارتجال وأنصاف الحلول والإصلاح المؤقت واسترضاء الطوائف إلى أن يتخرج المعلمون في المدرسة الواحدة من أكثر من خمس معاهد لا يدعو التخصص وحده إلى هذا التفريق فيما بينهما، فأنت واجد مدرسي اللغة العربية المتخرجين في الأزهر ودار العلوم وكلية الآداب، وأنت واجد في المدرسة نفسها أبناء معهد التربية العالي والابتدائي معاً، إلى جانب خريجي المعلمين العليا، وهم جميعاً يدرسون مجموعة واحدة من المواد. وكذلك الحال في مدارس البنات، فخريجات السنية والمعاهد الإضافية إلى جانب الجامعيات وخريجات معهد التربية الابتدائي، وهكذا. . . ولكل فريق من هؤلاء رؤساء يذكون في عصبية ويساعدونه في وجدوده وارتقائه

وأفرخت هذه العصبية عصبيات أخرى من نوعها وإن كانت أصغر وأقل شأناً، فإن المعهد الواحد قد ألزمه قانون تقسيم العمل والتخصص إلى أن يفرق طلابه على الأقسام ونشأت (عصبيات قسميه)، إذا صح هذا التعبير، ورأينا هؤلاء الطلاب إذا تخرجوا، ألفوا ما يشبه النقابات تضم أبناء قسمهم، بل ورأينا أنه إذا ابتسم الحظ لواحد منهم وجعله من أصحاب الحل والعقد في ناحية من النواحي، ضاقت نفسه بأبناء غير قسمه، وإن كانوا من معهده، ورأينا أكثر من ذلك أن رجال العلم والتعليم في هذا المعهد أو ذاك، قد يضطرهم قانون التعاون إلى أن يجتمع بعضهم وهم من أقسام شتى للقيام بعمل علمي أو اختبار طالبات أو طلاب فينتصر كل إلى قسمه وأبنائه، وإن كان ذلك تحيف على العدالة الواجبة في كل شيء وفي العلم ومعاهده بنوع خاص

نعم، إن هذه الهيئات والجامعات قد تكون لها وظيفة نقابية فتدافع عن مصالح أبناء المهنة الواحدة، وتحافظ لهم على حقوقهم، وتستغل الفرد لمصلحة الجماعة كلها، وتجند الجماعة لمصلحة الفرد من أبنائها؛ ولكن ما رأيك في أن المهنة الواحدة تتوزعاه نقابات مختلفة، وتتنازعها اتحادات شتى، تتسمى كل واحدة منها باسم (معهد)، أو حتى قسم من معهد، فأنت تجد اتحاد خريجي الجامعة، وتجد اتحاد خريجي كلية الآداب، بل واتحاد وخريجي قسم اللغة الإنجليزية، بل إن جماعة المعهد الواحد تنقسم بدورها إلى شعب، من ذلك أن لخريجي دار العلوم أكثر من ناد واحد في مدينة القاهرة وحدها

<<  <  ج:
ص:  >  >>