إن أبا مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان كان قد نظر في النحو فأعجبه، بيد أنه لم يحسن التصريف فأنكره. وقد جلس معاذ الهراء يوماً يتكلم في الصرف، فسمع منه أبو مسلم كلاماً لم يعرفه، فقام عن أصحاب النحو وقال:
قد كان أخذهم في النحو يعجبني ... حتى تعاطوا كلام الزنج والروم
لما سمعت كلاماً لست أفهمه ... كأنه زجل الغربان والبوم
تركت نحوهم والله يعصمني ... من التقحم في تلك الجراثيم!
والرواية تختلف عما في المحاضرات قليلاً. وقد أجاب أبا مسلم معاذ بقوله:
عالجتَها أمرد حتى إذا ... شبت ولم تحسن أبا جادها
سميتَ من يعرفها جاهلاً ... يصدرها من بعد إيرادها
سهل منها كل مستصعب ... طود علا القرن من أطوادها
وبعد، فما رأى الأستاذ الكبير، أي العلمين أجدر بهذه الأبيات: الصرف أم العروض؟!
(كلية اللغة العربية)
أحمد إبراهيم الغرباوي
الأدب والمجتمع:
عرض الأستاذ الفاضل الكرداني في مقالة (الأدب والمجتمع) لموضوع الفن لذات الفن، والفن لخدمة المجتمع الذي كان نقطة نقاش بين الأستاذين أحمد بك أمين وتوفيق الحكيم على صفحات (الرسالة) منذ زمن.
ولكن نظرته كانت جديدة حينما ربط بين الأدب وبين النزعة الاشتراكية التي وجهت أكثر الكتاب إلى الوجهة الاجتماعية وصرفتهم عن الفن لذاته. وبذلك يكون الأستاذ الفاضل قد أضاف إلى موضوع الفن الرفيع شيئاً جديداً يشكر له، ولفت الأنظار إلى السبب الرئيسي أو المباشر الذي حول الكتاب إلى الناحية الاجتماعية.
ثم يقول في كلامه عن الإنتاج الأدبي وعلاقته بالأفراد:(أليس المجتمع سوى مجموعة أفراد؟) ولكني أقول له: إن علم الاجتماع ينظر إلى المجتمع على أنه وحدة لا تنقسم، وجميع عناصره أو أعضائه لا يمكن أن توصف أو تفسر تفسيراً علمياً إلا إذا نظر إليها