للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- لا تفهمين يا فاجرة؟ الكلب الذي دفعت له ثلاثين ليرة بدلاً عن التي قبضتها ثمن بكارتك وعرضك وشرفك. . .

- أنت والله مجنون، أي ثلاثين ليرة؟ وما دخل عرضي وشرفي، وأنا لم أكلمه في عمري، ولم أعرفه. . . والله والله إن. . .

- لا تذكري اسم الله بلسانك الدنس.

ويهجم عليها فيشدها من شعرها، ويخرج بها. . . إعلانا لختام المحاكمة، وثبوت الجرم!

ارتقب الشرطيون أياماً فلم يروا البنت تمر بهم، وطفقت أمها تسأل عنها في المنزل، ومعلمها يسأل عنها من المدرسة، فيقولون للأم: هي في رحلة مدرسية. ويقولون للمعلم: هي في سفرة عائلية. وكاد الشرطيون ينسونها، وتضيع صورتها في مشاهد الحياة وهمومها، وفرغت كأس الحديث عنها فلم يبق لهم ما يتساقونه، فعادوا إلى صمتهم وتكاسلهم واستلقائهم على كراسيهم. . . ولكن الشرطي (العاشق) الذي رآها تشبه فتاة أحلامه لم ينسها. . . فكان كلما انتهى عمله في المخفر يلقي بزته العسكرية ويلبس ثيابه المدنية، ويتعقب ذلك (الشاب) يحصى عليه حركاته وسكناته، ليضبطه (متلبساً بجرمه) ويمسكه معها فلا يراه إلا منفرداً. . . حتى كاد ييأس منه وينصرف عن ملاحقته لولا هذه المصادفة:

وجده مع فتية من لداته عند حلاق، فدخل فقعد كأنه ينتظر دوره ليحلق، فسمع منه حديثاً خافتاً ورأى على وجهه ابتسامة ظفر، ثم أبصره يخرج لهم من جيبه الذهب ليروه، فخفق قلبه وعلم أن الحديث عنها، فتلطف ودنا وأصغى فسمعه يقول:

- (لا والله إني لم أكلمها في عمري، ولم أمسس جلدها ولا أعرف اسمها، ولكنها كانت بنتاً جميلة في السابعة عشرة، وتلبس هذه الثياب القصيرة التي يهب عليها النسيم، فيحركها فتكشف كل ما تحتها، فألحقها عن بعد لأمتع البصر بما يبدو من خفايا حسنها. وكانت يوماً على درج المدرسة، وكنت واقفاً تحت الدرج بحيث لا تراني، فانحنت لتصلح حذاءها انحناءة كشفت نصفها الأسفل كله، وكانت تلبس (كلسوناً) من الحرير الشفاف يوضع من صغره في علبة كبريت، ويصغر عن منديل، فأبصرت هذه العلامة. . .).

وعاد الشرطي إلى رفاقه بالنبأ، فوجدوا شيئا يعملونه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>