وقد سألته امرأة مرة، وكان يمشي أمام داره: أين دار وزير المعارف يا سيدي؟ فقال لها: ومن هو وزير المعارف الآن؟ وصديقنا اللغوي العراقي عبد المسيح وزير. . . وقد دخل مرة غرفة غير غرفته في وزارة الدفاع، وكان (طاب ذكره) من كبار موظفيها، فرأى أثاثها على خلاف ما كان يعهد، فغضب ودعا الفّراش، وقال له: حوّل هذه المنضدة، انقل هذا الهاتف، اعمل كذا، افعل ذاك. . . فلما استوت له ما يريد، نظر فقال: أهذه غرفتي؟! قال: لا يا سيدي، فانتقل إلى غرفته!
وكنا نزوره أنا وأنور، فدعا لنا مرة بشاي وتدفق بالحديث، وهو يشرب كأسه، فلما فرغت، وضعها وتناول كأس الأستاذ العطار فشربها، ثم ثلث بكأسي، فلما جاء الفراش يأخذ الكؤوس، قال سألتكم بالله، هل تريدون كأساً أخرى؟!
وشيخ الشام ومربي الجيل طاهر الجزائري، وقد حدثني الشيخ قاسم القاسمي أنهم احتالوا عليه حتى اشتروا له جبة جديدة وألبسوه إياها، وذهبوا به إلى دمّر فجلسوا حول البركة العظيمة في منزل الأمير عمر، وكان في المجلس الشيخ عبد الرزاق البيطار، وأشيخ جمال الدين القاسمي، وجلة العلماء، فما كان من الشيخ طاهر إلا أن قام فنزع اجبة، وجعل يغمسها في البركة، ثم يدلكها بالتراب، ثم يغمسها، ثم علقها على غصن حتى جفت وتكرّشت فلبسها وقال: الآن استرحت، إن الجبة الجديدة تشغل فكر صاحبها، أما العتيقة فإنه لا يبالي بها فينصرف إلى تفكيره. . .
وصديقنا الكبير سامي بك العظم مفتش العدلية العام، وقد حدثني من فمه أنه دعا (فلاناً) وكان رئيساً للوزراء إلى الغداء في داره في أقصى المهاجرين، فلما كان اليوم الموعود جاء الرئيس بسيارته إلى باب المنزل، فنزل منها وصرف السائق لئلا يطول عليه الانتظار، واجتاز الحديقة الممتدة، وصعد الدرج العالي، وقرع الباب، فلم يرد - أحد عليه، فعاد إلى البلد ماشياً في شمس الهاجرة من آب. أما سامي بك، فقد نسي الموعد، ولم يكن في الدار أحد، لأن أسرته في القاهرة، فذهب فتغدى في المطعم!
وصديقنا الأديب العالم الراوية عز الدين التنوخي، وقد دعا للبحث في إعداد مهرجان المتنبي من سنين جمهرة من أدباء البلد إلى المجمع العلمي يوم كان سكرتيره، فلما جاءوا