مجنوناً. . . وهل يمكن أن يكون محب عاقلا؟ ها هو ذا يحرق الورقة المالية التي لا يملك غيرها. . . ليقرأ على ضيائها رسالة الشيطانة. . . أعني الحبيبة، ويبقى من بعدها طاوياً يتضور جوعاً، لا يدري أن أحلام الحب وحماقاته لا تملأ المعدة الفارغة، وأن الرغيف الواحد أثمن عند الجائع من كل ما في الأرض من لَيْلَيَات وماجدولينات. . . لقد غدا تائهاً يدور في السبل والطرقات. . . وينام حيث يدركه المنام. . . لقد صيّره الحب موجوداً كالمعدوم. . . صار عضواً من الأمة أشلّ لا ينفع ولا يضر، بل إنه يضر ولا ينفع!!
لقد سَدَّ في وجهه طرقَ المجد، وحجب عن باصرتيه نور الشمس، فلم يبق فيه فائدة لنفسه ولا للناس، بل لقد صار هُزْأة وغدا مَسْخَرة. . . وكذلك يكون العاشقون!
وينال هذا المجنون خمسة عشر ألفاً يستطيع أن يصنع بها الجلائل، ويرفع بها لنفسه ولأمته مجداً. . . فماذا صنع بها؟ دفعها إلى عابر سبيل لا يعرفه. . . فما أكرم هؤلاء العشاق الذين يمنحون ثروتهم كلها إلى من لا يعرفون، ويضن الواحد منهم على أخيه بثمن سرج لفرسه، ويتركه يموت في المعركة. . .!
ثم يأتيه المال الوفير، فينفقه في أتفه الأمور وأحط الرذائل، يستأجر مقاصير المسرح كلها، ويرى الرواية وحده. . لماذا؟ ليغيظ المرأة التي أحبها فتزوجت بغيره، لأنها تريد أن يكون زوجها رجلا مثل الرجال، لا امرأة لها شاربان ولحية ولا عقل لها ثم يترقى ستيفن في فضائل الحب، فينتهي إلى الغصب والنهب من حانة. . . ويعلن جنونه ليهدم به الحياة البشرية، فيزعم أن الحب أقدس الواجبات، والزواج شر الرذائل، ثم تختم هذه الحياة النبيلة. . . السامية. . . بجريمة القتل!
هذا هو مجنون ماجدولين، وذلك مجنون ليلى. . . أما سائر المجانين , فهم بقية العاشقين!
فإذا كان في الدنيا جنون عبقرية، وجنون مارستان، فإن جنون الهوى هو جنون الإجرام، لاسيما إذا كان هوى على الطريقة الفرنسية. . .
فيا أيها الشباب الصغار! إذا لم يكن بد من الجنون، فلنجن بالمعالي والمكارم والعلم والفن، أو لنسكن المارستان. . . أما المرأة، فصدقوني إذا قلت لكم: إنها لا تستحق أن يجن بها أحد!!