للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعل ذلك كله من أجل امرأة، أضاع كل شيء ليجدها، ولكنها أعرضت عنه، ومالت إلى غيره. . إلى صديقه الذي قاسمه خبزه، وشاركه فراشه، صديقه الذي سلبه سريره من تحته، فباعه لينفق ثمنه على مآربه وهواه، وهذا المجنون المغفل لا يحس ولا يدري، لأن الحب أعماه وأصمه. وهل رأيتم محباً له بصر؟ أعرضتْ عنه، ولها الحق في الأعراض. . . هل تتزوج مجنوناً؟ إن الزواج إذا بني على هذا الجنون الذي يسميه أصحابه (حباً)، صار البيت من بعده مستشفى مجاذيب، ومارستاناً من المارستانات!!

تزوجت بغيره، فذهب ينتزعها من زوجها الشرعي، ويرى أنه أحق بها، لأن اسمه واسمها منقوشان على شجرة زيزفون. . .

ما شاء الله كان! إنك تستطيع أن تأخذ المرأة من بين ذراعي زوجها، لأنك حفرت اسمها مع اسمك على شجرة. . . اسمعوا يا عقلاء (وأين العقلاء) شريعة المجانين. . . اسمعوا منطق الحب!

هذا هو الحب الفرنسي: تفريط بحق الأسرة، واستهانة بواجبات الشرف والدين، واستئثار قاتل يمحو من الحياة أسمى فضائلها، لهذه اللذة التي ينالها، ويفقر النفس العامرة بالإيمان والفضيلة والمجد، ولا يبقى فيها إلا صورة الحبيب، يراه العاشق في الأفق إذا نظر إليه والشمس واقفة للوداع، وفي السماء إذا تأمل فيها ونجومها تتوقد في هدأة الليل، وفي صفحة الماء والروض البهيج، وفي كل كتاب يقرؤه، ومشهد يراه:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل

فيا رحمتا لهؤلاء المجانين! إنهم عُمْى لا يبصرون من الدنيا إلا وجه امرأة واحدة. . . صُمّ لا يسمعون إلا صوتها. . . بُلْه لا يشتغلون إلا بها. . . مجرمون لا يبالون بكل رذيلة إذا أوصلتهم إليها. . . أذلاَّء لأنهم فقدوا الرجولة والكرامة، وغدا المثل الأعلى لهم أن يطيعوا هذه الرعناء الطائشة. . . لأن لها عيناً بلون السماء وزرقة البحر. . .

هذا هو الحب يا أيها الشباب الصغار!

كل عاشق هو (ستيفن)، ولو تناءت الديار، وتباعدت الأزمان، فاقرءوا سيرة ستيفن تقرءوا سيرة كل عاشق. . .

لقد ارتضى أن يخسر كل شيء ليربح ماجدولين، فلما خسرها لم يبق له شئ. . . لقد غدا

<<  <  ج:
ص:  >  >>