للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالأفشين، وسيره إليهم في سنة ٢٢٠ هـ على رأس جيش منظم، فدبر الأفشين أمر القتال، وأحكم تدبيره، ووزع قواده على الحصون والمعاقل لحراسة القوافل والسابلة، وأطلق عيونه وجواسيسه حتى يعرف خطوات الثائر وحركاته. واستمر يحاربه سنتين، حتى انتصر عليه في سنة ٢٢٢ هـ الموافقة لسنة ٨٣٧ م.

وفر بابك متنكرا حتى نزل مكانا بأرمينية، فعرف خبره سهل بن سنباط أحد بطارقة أرمينية، فذهب إليه، وسلم عليه بالملك، وقال له: قم أيها الملك إلى قصرك الذي فيه وليك، حيث تكون في أمان من عدوك. فسار معه إلى قصره، ورفع سهل مجلسه وعظمه، وقدمت المائدة، وجلس يأكل معه، فاستشعر بابك جبروته غافلا عما يدبر له فقال لسهل: أمثلك يأكل معي؟ فقام سهل وقال: أخطأت أيها الملك، وأنت أحق من احتمل عبده. ودخل حداد كان سهل أرسل في طلبه، فقال لبابك: مد رجلك أيها الملك. والتفت إلى الحداد قائلا: أوثقه بالحديد. فقال له بابك: اغدرا يا سهل؟ قال سهل: يا ابن الخبيثة، إنما أنت راعي غنم وبقر، ما أنت والتدبير للملك ونظم السياسات؟ وسلمه إلى الأفشين، فأرسله إلى الخليفة بسامرا، فأمر بقتله وصلبه.

وكان يوم دخول الجيش ببابك مدينة سامرا يوما مشهودا، خرج فيه الخليفة، ومعه أشراف الدولة، فاستقبلوا الأفشين استقبالا باهرا، وكان فرح المعتصم عظيما، حتى أنه كان يرسل إلى قائده الباسل في صبيحة كل يوم حلة شرف ومعها الهدايا الثمينة.

وجلس الأفشين للشعراء، يستمع إلى أشعارهم في الثناء عليه إذ أراح الناس من شر ثائر روع البلاد والعباد عشرين عاما، قتل فيها مائتين وخمسة وخمسين ألف انسان، وأسر ثلاثة آلاف وثلاثمائة رجل وسبعة آلاف وستمائة امرأة، وقد ظلوا في أسره حتى أنقذهم الأفشين.

عباس حسان خضر

<<  <  ج:
ص:  >  >>