التي تصغر عنها سنتين، والطرف لها، وهي البنت المفردة، على حين قد صارت هي خادمة في بيت أبيها، بل هي شر من الخادم، فالخادم قد تلقى أناسا لهم قلوب، وفي قلوبهم دين فيعاملونها كأولادهم، وأبوها هي لم يبق في صدره قلب ليكون في قلبه شرف يدفعه أن يعامل ابنته، إبنة صلبه، معاملة الخادم المدللة. لقد كتب الله على هذه الطفلة أن تكون يتيمة الأبوين إذ ماتت أمها فلم يبق لها أم، ومات ظمير أبيها فلم يبق لها أب!
وسمع صوت خالته تناديها: تعالي ولك يا خنزيره!
وكان هذا هو اسمها عندها:(الخنزيرة) لم تكن تناديها إلا به، فإذا جاء أبوها المساء فهي البنت: تعالي يا بنت، روحي يا بنت! أما أختها فهي الحبيبة: فين أنت يا حبيبتي؟ تعالي يا عيني!
وعاد الصوت يزجر في الدار: ألا تسمعين أختك تبكي؟ انظري الذي تريده فهاتيه لها! ألا تجاوبين هل أنت خرساء؟ قولي: ماذا تريد؟
فأجابت المسكينة بصوت خائف: إنها تريد الشوكولاته. . . - ولماذا بقيت واقفة مثل الدبة اذهبي فأعطيها ما تريد! فوقفت المسكينة، ولم تدر كيف تبين لها أن القطعة الباقية هي لها لقد اشتري لها أبوها البارحة كفا من الشوكولاتة، أعطاه لابنته الصغيرة فأكلته وأختها تنظر إليها، فتضايقت من نظراتها فرمت إليها بقطعة منه، كما يرمي الإنسان باللقمة للهرة التي تحدق فيه وهو يأكل، وأخذت المسكينة القطعة فرحة، ولم تجرؤ أن تأكلها على اشتهائها إياها، فخبأتها، وجعلت تذهب إليها كل ساعة فتراها وتطمئن عليها، وغلبتها شهوتها مرة فقضمت منها قضمة بطرف أسنانها، فرأتها أختها المدللة فبكت طالبة الشوكولاتة. . .
- ولك يا ملعونة فين الشوكولاتة؟
فسكتت. . . ولكن الصغرى قالت: هناك يا ماما عندها، أخذتها الملعونة مني!
واستاقت المرأة ابنتها وابنة زوجها كما يساق المتهم إلى التحقيق، فلما ضبطت (متلبسة بالجرم المشهود) ورأت خالتها الشوكولاتة معها حل بها البلاء الأعظم!
- يا سارقة يا ملعونة هكذا علمتك أمك. . . تسرقين ما ليس لك؟
وكان ماجد يحتمل كل شيء، إلا الإساءة إلى ذكرى أمة، فلما سمعها تذكرها، لم يتمالك نفسه أن صاح بها: