فتشمرت له واستعدت. . . وكانت تتعمد إذلاله وإيذاءه دائما، فكان يحتمل صامتا لا يبدو عليه انه يحفلها أو يأبه لها. فكان ذلك يغيظها منه، وتتمنى أن تجد سبيلاً غالى شفاء غيظها منه، وها هي ذي قد وجدتها. . .
- لا تسمح لي؟ أرجوك يا سعادة البك اسمح لي أنا في عرضك. . . آه ألا يكفي أني اتعب وانصب لأقدم لك طعامك وأقوم على خدمتك، وأنت لا تنفع لشيء إلا الكتابة في هذا الدفتر الأسود. لقد ضاع تعبي معك أيها اللئيم، ولكن ليس بعجب أنت ابن أمك. . .
- قلت لك كفا عن ذكر أمي، ولا أسكتك.
واقترب منها فصرخت الخبيثة وولولت وأسمعت الجيران. . .
تريد أن تضربني؟ آه يا خاين، يا منكر الجميل، ولي. . . يا ناس، يا عالم، الحقوني يا أخواتي. . .
وجمعت الجيران، وتسلل ماجد إلى غرفته أي إلى الزاوية التي سموها غرفة، وخصوه بها لتتخلص سيدة الدار من رؤيته دائما في وجهها!
ودخل الأب المساء وكان عابسا على عادته باسراً لا يبتسم في وجوه أولاده، لئلا يجترئوا عليه فتسوء تربيتهم وتفسد أخلاقهم، ولم يكن كذلك من قبل ولكنه استن لنفسه هذه السنة من يوم حضرت إلى الدار هذه الأفعى وصبت سمها في جسمه، ووضعت في ذهنه أن ماجدا وأخته ولدان مدللان فاسدان لا يصلحهما إلا الشدة والقسوة.
وكانت الخبيثة إذا دنا موعد رواجه إلى الدار، تخلع ثيابها وتلبس ثيابا جديدة، كما تخلع عنها ذلك الوجه الشيطاني وتلبس وجها فيه سمات الطهر والطفولة، صنعه لها مكرها وخبثها، ولا تنسى أن تنظف البنتين وتلبسهما ثيابا متشابهة كيلا يحس الأب بأنها تفضل ابنتها على ابنته!. . .
دخل فستقلبته استقبال المحبة الجميلة، والمشوقة المخلصة، ولكنها وضعت في وجهها لونا من الألم البريء تبدو معه كأنها المظلومة السكينة، ولحقته إلى المخدع تساعده على إبدال حلته وهناك روت له القصة مكذوبة مشوهة فملأت صدره غضبا وحنقا على أولاده، فخرج وهو لا يبصر ما أمامه، ودعا بالبنت فجاءت خائفة تمشي مشية المسوق إلى الموت،