صورة تخيل لقارئها أنه يناجي نفسه ويحاور ضميره، لا أنه يقرا قطعة ممتازة لشاعر ممتاز.
نقدم لك منها هذه القصيدة العصماء في روحها ومعناها، وفيما تحمل من أسى وشجى ومن دموع وآلام. هي قطعة تفجرت من نفس ممزقة ونفثة من صدر مصدور عانى تنكر الصديق، وجفاء الناس، وقسوة المرض، وتكالب المصاعب والمصائب. يقول هذا الشاعر وهو على فراش الموت مخاطبا صديقه (أنيس):
أرأيت الصديق يأكله الدا ... ء ويشوي عظامه المخراق
ماردُ هذه السقام ولكن ... صبره الجم للضنى دفاق
جف من عدوه الندى فتعرى ... وتنفت من حوله الأوراق
وذوى قلبه النضير وقد كا ... ن له في زمانه تخفاق
وأنا اليوم لا حراك كأن قد شد ... في مكمن القوى أوثاق
بت أستنشق الهواء اقتسارا ... نفس ضيق وصدر نطاق
وحنايا معروفة وعيون ... عائرات ورجفة ومحاق
لي رجاء في رحمة الله لما ... وسعت في الحياة ما لا يطاق