التنويه بصفات المرشح التي تجعله محبوبا من ناخبيه مرغوبا فيه، والى الإشارة إلى نفوذه في الدائرة التي يتقدم فيها وعصبيته وجاهه. . كل هذا يحملنا على التقدير بأن الانتخابات التي تبدو حرة لأول وهلة أي أنها حرة من تداخل السلطات الحاكمة وفرض نظرياتها وأغراضها على الناخبين تظل خاضعة لمؤثرات خارجية واسعة النطاق، ولعوامل مختلفة يصعب تحديدها ويجعلنا نعنى في بعض الأحيان بالتفاوت بين النائب وبين المهمة القومية التي يضطلع بها.
فإذا عدنا إلى العوامل المحلية، وجدنا أن بمصر قلما يقبل العقلاء على الانتخاب لسبب ذكره المؤلف، ولا شك أن الوعي القومي يزداد انتباها بنسبة زيادة المتعلمين وأخذهم أنفسهم بالواجب الذي يمليه عليهم هذا الوعي بأن يتقدموا لصناديق الانتخاب، وأن يفهموا أن ذلك فرض قومي لا مناص لمواطن حري بهذا الاسم من تأديته.
ولا أريد أن أطيل الحديث في هذا الباب مما يوحيه كتاب الأستاذ حنفي محمود جمعه، ولكني أردت أن أشير إلى العيوب التهجين تعترض الانتخابات لتداركها وإصلاحها.
فإذا عدنا إلى في الكتاب وجدنا أن الصورة التي يجلوها للحوادث كاملة في مجموعها طيبة التناسق بين أجزائها حتى ليصح أن نقول إن كتاب (سقطت في الانتخابات) قصة من أجمل القصص لا تنقصها قوة البناء وجودة الربط بين الأجزاء ومتانة التأليف. وهو أيضاً قصة من قصص المغامرات فيها الأخذ والرد والكر والفر، والصراحة والحيلة. وفيها تحليل لشخصيات عديدة ممن لقيهم المؤلف، وممن عرضوا عليه خدماتهم، وممن قصد إليهم، وكل هؤلاء من طبقة الشعب، القليل منهم من أنصاف المتعلمين وأغلبهم من الجهال، وفيهم المخلص والماكر والمحتاج، وفيهم ثرى الحرب الجاهل، وفيهم النفعي المتقلب، وفيهم الزعيم الذي يحتاج لممالأة السلطات المحلية لتدعيم نفوذه، وفيهم (الفتوة) الذي ينبغي الشغب، ويدع شجاعته وباسه في خدمة من يدفع ثمنها.
وفي الكتاب صور شتى للتفكير الشعبي الساذج وهو أحيانا تفكير سليم. فهذا أستاذ بمدرسة أهلية يعلم تلاميذه الهتاف بحياة المرشح الذي يؤيده، لأن من عادة الصغار أن يرددوا في منازلهم الأناشيد والهتافات التي تعلموها بالمدرسة، وهكذا يؤثرون على آبائهم وذوي قرابتهم. وكذلك يطوف صبية يوم الانتخابات هاتفين لأحد المرشحين ليؤثروا في الناخبين