للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأميين الذاهبين إلى الانتخاب فيؤدوا صوتهم للاسم الذي تردد بآذانهم وعلق بأذهانهم في آخر لحظة، وتسير حوادث القصة في لين وهوادة، فمن تفكير في الترشيح، إلى دفع تأمينه، إلى خوض المعركة الانتخابية، وهي معركة كلامية في الخطب التي تلقى، وفكرية في تدبير وسائل الدعاية، ومادية من حيث إنفاق المال وبذله عن سعة، وواقعية من حيث تحدي المزاحمين وإثارة الشغب عليهم وعلى أنصارهم. . إلى غير ذلك مما كان يثور الأستاذ حنفي عليه في دخيلة نفسه، لأنه محام ومن رجال القانون الذي يأبون إلا ما يسيغه، ولكنه كان يضطر مرغما إلى الخروج عليه تحت تأثير أنصاره وردا لحملات منافسيه. ولعله كان يكثر من إلقاء الخطب لأنه قدير عليها بحكم مهنته، وقد شاء أن يتحدى مزاحميه في هذا المضمار، فنشر في الصحف يدعوهم إلى النزال فيه (تعالوا اخطبوا إذا قدرتم واعرضوا معي صحائفكم وما أنتم بقادرين) ولكنه ظهر بعد ذلك أن الأصفر الرنان في تعبير القدماء، وأوراق النقد المتداولة بلغة هذا الزمان، أبلغ حجة وأجلى بيانا من بلاغة المنطق وفصاحة اللسان.

وفي كتاب (سقطت في الانتخابات) غير هذا وذاك من صور سكندرية شعبية بحتة استطاع المؤلف أن يبرزها في الإطار الخليق بها.

هذه العناصر التي عددناها تجعل من كتاب (سقطت في الانتخابات) قصة كاملة كما قلنا، قصة مغامرات واقعية لأنها مستمدة من صميم الحياة، وقد عاش المؤلف حوادثها، وعاش أمثالها غيره من زملائه الذي أنفسهم في الانتخابات. وفي واقع الحياة من المغامرات ما لا يصل إليه خيال القاص البارع.

كان يتراوح في ذهني وأنا أطالع هذا الكتاب ذكرى الجهاد الأدبي الذي حمل رايته بالإسكندرية نفر من الشباب في أوائل عهد (جماعة نشر الثقافة) أي منذ أكثر من اثنتي عشر سنة أو يزيد. وقد تخلف البعض بعد ذلك منصرفين إلى أعمالهم واستمر البعض الآخر بحكم المهنة، وعرف غير هذين الفريقين كيف يوفق بين عمله وبين الاشتغال بالأدب. وكان ولا يزال من هذا الفريق الأخير الأستاذ حنفي محمود جمعه، فهو المحامي الذي تقدر مواهبه دائر القضاء وتظهر مهارته في جلسات المحاكم وهو كذلك الأديب المتمكن الذي كانت له جولات موفقة في الأقصوصة، والذي كانت له مكانته بين زملائه

<<  <  ج:
ص:  >  >>