بهاء وجلالا؟ ونظر إلى الرجل يحسبه يسخر منه فرآه جادا، فتركه وتقدم من الباب وهوشاك فيما قال الرجل، ونظر فرأى كهلا قائما يصلح بالطين جدار المنزل وامرأة تعجن. . . فترك الباب ولحق بالرجل مغيظا محنقا فقال له:
ما كان لك أن تكذب علي وتسخر مني، أسألك عن دار الخليفة فترشدني إلى دار طيان؟
قال: ومن الطيان؟
قال: صاحب الدار.
ووصف له ما رأى.
قال الرجل: ويحك هذا والله أمير المؤمنين الذي ليس فوقه إلا الله. وهذه المرأة، ألا تدري من هذه المرأة؟ هذه زوجة الخليفة عمر وبنت الخليفة عبد الملك، وأخت الخليفتين الوليد وسليمان، وأخت هشام ويزيد وسيكونان خليفتين، هذه أمجد امرأة في العرب، ولقد كان أمير المؤمنين أرفه الناس عيشا، وأكثرهم طيبا، ولكنه كان رجل فيه عرق عمر بن الخطاب فنزع به عرقه من عمر إلى ما ترى، فعد إليه فأقرع بابه وأنفض إليه شكاتك، ولا تخف، فوالله ما هو بالملك المتكبر ولا الحاكم الجبار، ولكنه عند الله متواضع هين لين، فإذا رأى الحق أمضاه فلم يقف دونه شئ، وإذا غضب لله كانت العواصف والصواعق دون غضبه قوة ونفاذا. . . فأذهب موفقا.