العرب ومزاياهم من الشهامة والبسالة والنجدة، والانطباع على الشجاعة وحب الحرية والذود عنها، ومقت الذل، وإباء الضيم، والحرص على الشرف والكرامة.
وإنها لمسلمة قد أشربت حب الإسلام، واستمكنت وصاياه ومبادئه من نفسها حتى سيط بلحمها ودمها، فأيقنت أن الإسلام والذلة لا يجتمعان، وآمنت أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وعرفت أن من أجل تعليم الإسلام ووصاياه الجهاد في سبيل الله والحق، الذي يراد منه دفع الفتنة والبلاء، ويراد منه دفع العدوان عن الوطن والبلاد، ويقصد منه رد الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، والحق والحرية لا يقومان في هذه الحياة إلا على أساس الجهاد المشروع والدفاع المحتوم الذي لا إنحياص عنه ولا مناص. فجهاد تونس وسائر الأمم التي سلبت حريتها مشروع، ولا شك في مشروعيته ولا امتراء، وما أصيبت البلاد الشرقية بما أصيبت به إلا من التقصير في أداء هذا الواجب، والتفريط في المحافظة على هذا السياج الذي هو السبيل الوحيد لحماية الحق وحفظه:
(إن الله يدافع عن الذين آمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور. أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وأن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد، يذكر فيها اسم الله كثيرا، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز)!
أدت الأمة التونسية، وستؤدي واجبها في الدفاع عن حريتها وحقوقها وبلادها، وستنهض بأعباء ذلك كله غير حافلة بالضحايا تقدمها، والدماء الطاهرة تسفكها، والأنفس والأموال تبذلها. .!
ولكن الأمم العربية والإسلامية عليها تبعات وواجبات لهذه الأمة المظلومة المضطهدة، ستسأل عنها أمام الله، وأمام التاريخ والأجيال القادمة!
إن تونس المجاهدة العانية، والجزائر المغلولة المصفدة، ومراكش المغلوبة على أمرها، لا تقل مآسيها وكوارثها عن الخطر الداهم والبلاء النازل بفلسطين. فعلى الأمم العربية والإسلامية أن ترعى قضايا أمم المغرب العربية والإسلامية كما ترعى قضية فلسطين!
وإنا لنطالب الجامعة العربية بمزيد من العناية والرعاية لتلك القضايا، حتى تتم للجامعة وحدة أبنائها في المشرق والمغرب، وتتحقق عزتهم، ويتمتعوا بحقوق السيادة والإنسانية.