للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوزراء أو الشعراء، بل كل من له شهرة بين الناس، ويقع السؤال عن ذكرته، وأتيت من أحواله بما وقفت عليه من الإيجاز، كيلا يطول الكتاب، واثبت وفاته ومولده إن قدرت عليه، ورفعت نسبه على ما ظفرت به، وقيت من الألفاظ ما لا يؤمن تصحيفه، وذكرت من محاسن كل شخص ما يليق به من مكرمة أو نادرة أو شعر أو رسالة، ليتفكه به متأمله، ولا يراه مقصورا على أسلوب واحد فيمله، والدواعي إنما تنبعث لتصفح الكتاب إذا كان مفننا).

وتعبير ابن خلكان بان كتابه (مختصر) فيه تواضع العلماء القدامى، وإلا فكتابه ليس مختصرا، بل هو موسوعة كبيرة لو طبعت على ورق حديث لبلغت آلاف الصفحات، وقد وصف أحد الأدباء كتاب الوفيات فقال انه (روضة يانعة الأزهار، متدفقة الجداول والأنهار، بل كنز بالفرائد حافل، ولبدائع المحافل شامل كافل، لما حواه من تراجم أكابر الفضلاء، وتضمنه من فكاهات الأدباء والشعراء، مع ترتيب عجيب، وأسلوب فائق غريب، وضم الشوارد، واقتناص الأوابد، وضبط غريب مبانيه، وتهذيب مقصده ومعانيه).

وحياة ابن خلكان بعد هذا أيها الصديق لا تدل على انه كان تافها أو ضعيف المنة، فله من عمله وأدبه ومؤلفاته وفقهه ما يرفعه إلى مصاف العظماء من الرجال، وله فوق هذا شعر في غاية الرقة والجمال. فهو القائل في الغزل:

أنا والله هالك ... آيس من سلامتي

أو أرى القامة التي ... قد أقامت قيامتي!

وهو القائل أيضا:

تمثلتمو لي والديار بعيدة ... فخيّل لي أن الفؤاد لكم مغنى

وناجاكموا قلبي على البعد والنوى ... فأوحشتمو لفظاً، وآنستمو معنى!

لقد ظلمت (وفيات الأعيان) يا وديع وظلمت صاحب الوفيات. ورحم الله ابن خلكان إذ يقول في آخر خطبته التي قدم بها الوفيات: (حرسنا الله تعالى من التردي في مهاوي الغواية، وجعل لنا من العرفان بأقدارنا امنع وقاية!).

هذا وقد لاحظت أن المعرض قد خلا من الكتب التي صدرت في الأقطار الشقيقة، وهذا صحيح، فقد زرت المعرض كما زرته، ولاحظت أنا فوق ما لاحظته أنت. أن المعرض قد خلا من قسم للكتب الأزهرية، مع أن الجامعات والمعاهد العليا ودور الطباعة والنشر قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>