للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكر في مخلوق حي، يسير وينظر ويضحك. . . مخلوق؟!

ما هو المخلوق؟

هو كائن يحيا بحركة نظامية، وبفكر ثاقب يدير تلك الحركة الكامنة فيه، ولا يشغل هذا الكائن فراغا لان رجليه اللتين يسير بهما لا تتعديان وجه الأرض. إذن فهو حبة حياة متحركة لا ادري مم تكونت! تبدو بسيطة كأحقر الأشياء وأتفهها كان لا قيمة لها مطلقا.

٢٦حزيران:

لم يعد القتل جريمة؟ نعم لماذا؟

فقانون الطبيعة لا يعاقب القاتل، والقتل كما أرى فريضة على كل كائن: فانه يقتل طلبا لعيش رغيد؛ يقتل لأنه عرف لذة القتل؛ فالحيوان يقتل في كل لحظة من وجوده - والرجل لا ينقطع عن القتل، بل يقتل ليتغذى، ويرى في القتل ضرورة، لذلك رأى في الصيد لذة - وقد لا يشعر الطفل بالنشوة ألا إذا خنق صغار الحشرات وصغار العصافير التي تصل إليها يده؛ وكل هذا لا يطفئ شهوة القتل الملتهبة فيه.

لم يكفه الحيوان فعدا على رفيقه الإنسان. وقديما كانت القرابين البشرية تقدم للآلهة، فاستعيض عنها حديثا بالجرائم التي جعلت القتل جريمة يكافحها القانون بالإعدام أو بالسجن!

والحقيقة أننا لا بد أن نؤدي واجبنا نحو هذه الغريزة الطبيعية التي ينتج عنها الموت الوشيك. وكثيرا ما تخفف غلواؤنا عندما نرى أمم الأرض تتطاحن، ونسمع بشعوب تذبح أخرى، وتكون هناك مجازر دموية تهيم بها الجيوش؛ فترى أهالي المدن الثملين بخمرة النصر مع نسائهم وأولادهم يطالعون بانتباه على ضوء المصباح أخبار مجازرهم الفظيعة.

هل فكر أحد بان شعوب الأرض تكره تلك المذابح التي نسميها الحروب. أبدا! إذا فلم نثني عليهم بشتى أنواع الثناء، ونلبسهم الجوخ الثمين محلى بالذهب الوهاج، ونقلدهم أوسمة يحلون بها صدورهم، ثم نغدق عليهم ألقابا عظيمة فستصبح (مودة) النساء لهم مسخرة مع إرادة الشعوب عامة، أليس ذلك لأنهم مسخرون لقتل الإنسان؟ إذن فالقتل نظام أودعته الطبيعة صدر الإنسان ليصيب السعادة الدائمة والشرف الرفيع!

<<  <  ج:
ص:  >  >>