ظننت أنه تدمج جوفه وجعل يلج بشناتره في جحمتيه يكاد يفقؤهما، وقبض على ضارتيه بمبرمه وكاد يجذهما جداً، ثم علاه بمنسأة كانت معه فعفجه بها.
وهذا أثر الجريال عليه بينا، وأنت أمير عادل.
فقال الأمير: والله ما أفهم مما قلت شيئاً.
فقال أبو علقمة: قد فهمناك إن فهمت، وعلمناك إن علمت، وأديت إليك ما علمت، وما أقدر أن أتكلم بالفارسية. . .
فجعل الأمير يجهد أن يكشف الكلام فلا يفعل حتى ضاق صدره، فقال للصقلبي: أعطني خنجرا. فأعطاه وهو يظن أنه يريد أن يستقيد له من الحبشي، فكشف الأمير رأسه وقال للصقلبي: شجني خمسا وأعفني من شهادة هذا.
٨٠٩ - هذا مقال من لا يموت حتف أنفه
قال أبو خالد الخزاعي الأسلمي: قلت لدعبل: ويحك! قد هجوت الخلفاء والوزراء والقواد. ووترت الناس جميعاً، فأنت دهرك شريد طريد هارب خائف. فلو كففت عن هذا، وصرفت هذا الشر عن نفسك. فقال: ويحك إني تأملت ما تقول فوجدت أكثر الناس لا ينتفع بهم إلا على الرهبة، ولا يبالي بالشاعر - وإن كان مجيدا - إذا لم يخف شره. ولمن يتقيك على عرضه أكثر ممن يرغب إليك في تشريفه، وعيوب الناس أكثر من محاسنهم. وليس كل من شرفته شرف، ولا كل من وصفته بالجود والمجد والشجاعة - ولم يكن ذلك فيه - انتفع بقولك، فإذا رآك قد أوجعت عرض غيره وفضحته اتقاك على نفسه، وخاف من مثل ما جرى على الآخر. ويحك يا آبا خالد ان الهجاء المضرع آخذ بطبع الشاعر من المديح المفرع.
فضحكت من قوله وقلت: هذا (والله) مقال من لا يموت حتف أنفه.
٨١٠ - تكتب برجلها
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة:
في سنة (٥٧٦) قدمت امرأة إلى القاهرة عديمة اليدين، وكانت تكتب برجليها كتابة حسنة، فحصل لها القبول التام.