للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مبهمة، أو سرور لا عهد لي بمثله!

ليت شعري! كيف لا أحلم بمثل هذا اليوم، وكيف لا أبتهج بهذه المناظر؟ هل صعد إلى قلبي ذلك الكوكب الدري، فأنار ظلامه، وبدد أوهامه؟

وأنت أيها القمر اللاءلاء، سل الليالي الحلوة الظلماء، وقل لها: هل تضارع ليالي بلادك - إن غبت عنك - هذه الليالي في البهاء؟)

- وإذ ترمق بنظرتها الوديعة أمها الرؤوم، حيث كانت على كثب منا. ثم تتطرح على نفسها من السقم، وتلقى بجبينها فوق ركبتي أمها، فيعقد الكرى الهنيء، أهداب عيونها الوطف.

ولكن، ليت شعري؟ كيف أحمل نفسي على استذكار هذى الذكريات الغابرة؟

فلندع الهواء يحف، والنسيم يرف، والموج يصطخب،

وتعال هنا، أيتها الخواطر المضطربة، والأفكار الملتهبة!

عودي إلى قليلا، لعلي أرغب في التأمل والعزاء، ولا أجهش في الحزن والبكاء!

لله ما أصفى أديم عينها الساجية! وما أحلى حمرة شفتها المغترة! ولشد ما ترد عينها نظري خاسئا وهو حسير!

إن بحيرة (نيمي لجميلة المنظر، لا تستخف بأديمها نسمة، ولا تعبث بسطها تأمة، ولكنها رائقة السطح، لازوردية الماء، تشبه بزرقتها أديم السماء!

كنت تستطيع أن ترى أفكارها الساهمة، من خلال نفسها الحالمة، قبل أن تتعرف إلى شخصها،

فجفناها الفاتران، لم يغمضا قط على عينيها الوديعتين، فيحجبا عنا نظراتها البريئة، وجبينها المشرق، ولم تغضنه تباريح الهموم، ولم تضغطه آلام أو شجون، فالكل يطفر مرحاً في نفسها وحسها:

أما هذه الابتسامة العذبة الفتية، فلقد ماتت على فمها البارد. وكانت من قبل تغمر شفتيها المفترتين،

كأنها قوس قزح، صافي اللون، مبشر بيوم صحو جميل!

إن من القسامة البارعة، والجهارة الرائعة، أن يكون هذا الوجه الفاتن مرئيا من كل عين،

<<  <  ج:
ص:  >  >>