أسرتيهما، وهو تدنسهما بفضيحة الجناية على الاعراض، وهي عند من لم تمسخ طبائعهم لا تقل ضررا عن التعدي على الأنفس بالقتل، ولهذا ترى الإفراد في آلام حتى اليوم - خصوصا في الأمم الشرقية ومنها مصر - يحفزهم دافع الشرف إلى الانتقام لإعراضهم، وبذلك كثرت جرائم القتل من اجل الزنا.
كذلك باحت هذه القوانين الغربية تعاطي المسكرات بحجة الحرية الشخصية، وما دروا هذا الحرية قاتلة بشهادة الأطباء الذين قرروا ضررها وإيذاءها للجسم وتأثيرها في الكبد.
هذا إلى أضاعتها للمال في غير مصلحة ولا فائدة محققة، وجنايتها على العقل، وذلك شر عظيم قد يؤدي إلى مفسدة كبرى؛ فقد يقتل السكر، وقد يهجر زوجه وولده ويخرب بيته، وقد يجني حتى على عرضه. وليس أدل على ذلك مما قرناءه في الصحف أن رجلا مدمنا هجرته زوجه لذلك، فسطا في غيبة عقله وضياع رشده على عرض ابنته الصغيرة، ثم تعدى أيضاً على عرض ابنه الذي لم يتجاوز إحدى عشرة سنة.
هاتان جريمتان متأصلتان في نفوس البشر لأنهما صادرتان عن جبلة تزين للناس حب الشهوات. وقد رأيت انهما مصدران لكثير من الشرور والأثام والمفاسد التي تنخر عظام الأمم وتدع المجتمع سقيما بالأوصاب والعلل الاجتماعية، مهددا بالانحلال والفناء.
أفترى مع هذا إن عقوبة الحبس أو التغريم زاجرة أو رادعة أو متكافئة مع الآثار السيئة والعواقب الوبيلة التي أسلفنا ذكرها؟ لا شئ من ذلك يكون رادعا، أو يكون من شانه اجتناب هذه الجرائم فلم يبق إلا أن تكون العقوبة بدنية لأنها انفذ في النفس أثرا، واشد وقعا، وابلغ في زجر الجانين وردع غيرهم وأدنى إلى إصلاح النفوس وتطهير القلوب.
بقيت السرقة والقانون الأوربي يعاقب عليها كما تعاقب الشريعة الإسلامية، غير أن العقوبة في القانون الأول بغير القطع كالحبس وفي الشريعة الإسلامية بقطع اليد.
وحكم الشريعة أو لى بالاتباع وأحق بالمراعاة واجدر بالتقدير فإن السارق يأخذ خفية ويتعدى على صاحب المال في غفلته، فهو جبان في اعتدائه، نذل في خديعته، يستلب منه اعز شيء لديه بعد حياته وعرضه، وقد يرتكب جريمة القتل مع السرقة، بل كثيرا ما تقع هذه الجريمة كوسيلة يتذرع بها سرقته أو للفرار من تبعاتها، فيقتل من تفريق ولا تميز، حتى الطفل في مهاده، والشيخ الهرم في فراشه.