١ - في الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، وهم قطاع الطريق.
٢ - والذين يقتلون النفس بغير حق
٣ - والذين يرمون المحصنات الغافلات
٤ - والزانية والزاني
٥ - والسارق والسارقة.
وما عدا ذلك من الجرائم لم يحدد العقوبات فيها، بل ترك للحكام وأهل الرأي من العلماء والمجتهدين أمرها ليلاحظوا ملابسات الجريمة وحالة المجرم، وما يناسب البيئة ويتفق مع أحوال الأمة في مختلف عصورها، وذلك ما أسلفنا شرحه في مبحث التعزيز.
وكان من حكمة الله - جل شأنه - ورحمته بالناس انه بين لهم العقوبات في المواطن الخمسة السابقة، إذ لو وكل إلى عقولهم استنباطها - وهي جد خطيرة - لذهب بهم الآراء كل مذهب ولعظم الاختلاف اشتد الخطب، فكفاهم ارحم الراحمين واحكم الحاكمين مئونة ذلك، وتولى بعلمه وحكمته ورحمته تقديرها، ورتب كل جناية ما يناسبها من العقوبة ويليق بها من النكال
على انه لم يفت الشارع أن العقوبات في الحدود بدنية وان بعضها - لعظم الجرم - شديد كما في الزنا، وأن الخطأ إذا تبين بعد تنفيذها جسيم، ولذلك درء الحدود بالشبهات حتى صار قاعدة من قواعد الفقه الإسلامي، والأصل في تقريرها ما أخرجه الترمذي والحاكم من حديث عائشة:(ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)، وروى عنه صلى الله عليه وسلم (ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا):
بذلك البيان الذي ورد في هذا البحث يقتنع كل منصف بان البيان الذي ورد في الحدود قد دعت إليها الحكمة واقتضتها مصلحة الأفراد وسعادة الجماعات وسلامة الأمم، وبهذه الأحكام التي بينا لك وجوه المصلحة والنفع فيها تجلت لك أنها - دون سواها - هي التي تتقرر بها الآثام والمفاسد. وبذلك ثبت كمال هذه الشريعة وعدالة أحكامها، وأنها بما قامت عليه من أصول وقواعد، وبما تغذى به من الأحكام الاجتهادية - صالحة على الدوام لكل أمة في أي عصر، تفي بحاجتها ومطالبها وتساير ما يطرأ عليها من مختلف التطور والأحوال.