ألا يبالي بشيء في سبيل ما يؤمن أنه الحق صفح عن زوجته غير عابئ بما أن يقول الناس!
ولقد ترك لقاء زوجته إياه على هذه الصورة أثرا عميقا في نفسه، فلا تكاد تقع عين القارئ على المنظر آلاتي من مناظر (الفردوس المفقود)، وقد كتبه ملتن بعد ذلك بعشرين عاما، حتى يمسي قوة الشبه بين الصورتين. قال ملتن يصف لقاء بين أدم وحواء:(وجاءت حواء ودموعها لا تني تتساقط، وشعرها تشعث كله، فألقت نفسها متضرعة على قدميه واحتضنتهما سائلة إياه الصلح؛ وظل هيكلها الساجي لا حراك به، حتى أحدث أثره في نفس أدم ذلك الصلح ولده الاعتراف والندم؛ وسرعان ما رق قلبه لها، إذ ألفى بهجة حياته التي لا بهجة له بعد طول الوحدة غيرها عند قدميه في حزنها مذعنة خاضعة)!
واستأجر ملتن منزلا كبيرا غير الذي كان يعيش فيه، يتسع لمن لا يزال يعلم من تلاميذه ولزوجته وأسرتها؛ وقنع الشاعر بحظه، وعاشر زوجه، لا كما طالما تاقت نفسه إليه من مثل، ولكن كما شاء له القدر؛ وفي يوليو ١٦٤٦ صارت ماري أما وصار ملتن أبا. .!