ولسنا في حاجة إلى أن نبين كيف وافقت الدول على النوعين الآخرين من الضرائب، فلقد حَمَّل دكريتو ٥ يناير سنة ١٨٩٠ في المادة ٣١ منه الأجانب عبء عوائد مجلس بلدي الإسكندرية، شأنهم في ذلك شأن الأهالي، لما لبلدية إسكندرية من شخصية معنوية ممتازة، ونظراً لتمثيل الأجانب فيها تمثيلا صحيحاً. أضف إلى ذلك كثرتهم في الثغر، فلو تخلصوا من عبء الضرائب فقدت بذلك البلدية مورداً هاماً.
وللحكومة المصرية بما تبرمه من معاهدات تجارية مع الدول الأجنبية أن تفرض الضرائب التجارية والرسوم الجمركية.
أما المحاكم المختلطة فلقد لعبت دوراً خطيراً في الموضوع، فكلما همت الحكومة راغبة في فرض ضريبة جديدة حال بينهما وبين ما تبغي عدم اعتراف المحاكم المذكورة بحق الحكومة في فرض ضرائب جديدة تُحَمّل بها الأجانب فلا تستطيع إزاء ذلك شيئاً. فلابد من موافقة الدول سلفاً، ويجب أن توافق هي مقدماً على كل ضريبة مستحدثة. وكل إجراء مالي سن به قانون أو شرع في سنه وكان يلقى على عاتق الأجانب عبء ضريبة أو فريضة مالية أيا كان نوعها.
ووقف قرار الجمعية العمومية بالمحكمة في سبيل فرض ضريبة السيارات التي شرعت الحكومة في سنها أخيراً ورأت أن الحكومة تريد بذلك أن تفرض نوعاً مستتراً من الضرائب العقارية على الأجانب لأن تلك الضريبة كما تراها هي رسوم لاستعمال الطريق العام.
وأخيراً وبعد جهود عادت فأقرتها. وقضت تلك المحاكم في القضية التي رفعها الفيكونت روفونتارس سنة ١٩١٢ بأن الضرائب التي تفرضها مجالس المديريات للصرف منها على المنافع العامة ليست خاضعة لشروط موافقة الجمعية العمومية المقررة في مادة ٢٤ من القانون الصادر في أول مايو سنة ١٨٨٣.
وقضت كذلك في عدة قضايا، منها قضية شركة سكة حديد القاهرة الكهربائية، وقضية أوجست قساجيه ضد مديرية البحيرة.
وترى المحاكم المختلطة أيضاً فيما يتعلق بالأشخاص المعنوية أنها إن كانت مؤلفة من الأجانب تخضع للضرائب المباشرة التي تقررها الحكومة المصرية على الأشخاص