فيه، فقد كانت الرقابة البرلمانية هي الشرط الذي اشترط الإنجليز عندما سلموا ببعض الحقوق الوطنية في سنة ١٩٢٢، أي بعد تقرير كرومر بخمس عشرة سنة. فلم يتشاءموا بالحياة النيابية المصرية يومئذ كما تشاءموا بها قبل تلك الفترة، ولم يجهلوا ما فيها من الضمان أيا كان غرضهم المقصود من ذلك الضمان
ومضت بضع وعشرون سنة على حياة نيابية متقطعة، فلم بفض الأمر إلى الإفلاس في ثروة الحكومة أو ثروة الأمة، بل زادت موارد الحكومة ثلاث أضعاف، ونشأت للأمة موارد صناعية وتجارية لم تكن معروفة عند كتابة ذلك التقرير
وعزل لورد كرومر بعد كتابة هذا التقرير بأقل من عام واحد، فخلفه سير الدون غورست، وكتب عن الانتخابات المصرية التي حدثت في أول عهده فقال:(تمت الانتخابات لمجلس شورى القوانين والجمعية العمومية في آخر السنة الماضية. ولما كانت الميول قد اتجهت مؤخراً إلى إدخال شكل من أشكال الحكم النيابي إلى هذه البلاد، فيحسن بي أن أروي بالتمام ما يحدث في هذه الانتخابات)
وبعد أن أوجز القول عن قانون الانتخاب قال:(في القاهرة ١٣٤٠٠٠ بالغ مصري، ولكن المقيدة أسماؤهم في السجلات منهم ٣٤٠٠٠، وقد بلغ عدد الذين اقترعوا من بين هؤلاء ٥٠٠ فقط، أي ٤ , ٤ في المائة من الذين قيدوا أسماءهم في السجلات، و ١ , ١ من مجموع الذين لهم حق الاقتراع. وكان عدد المندوبين الذين اقترعوا في الانتخاب الثاني ١٢ فقط بدلا من ١٣ على عدد دوائر القاهرة لان الانتخاب لم يتم في إحدى الدوائر إذ لم يترشح أحد للانتخاب).
ومضى في إحصاءات كهذا الإحصاء للدلالة على قلة إقبال الشعب على الانتخاب ثم قال:(ولكن الحال تتبدل متى دخل الانتخاب في طوره الثاني واجتمع المندوبون لانتخاب أعضاء مجلس المديرية أو الجمعية العمومية أو مجلس الشورى حسبما تدعو الحال؛ فإن الاهتمام يشتد اشتداداً عظيماً وينصرف هم المرشحين إلى اكتساب أصوات الناخبين، وقل أن يتخلف أحد من المندوبين عن الحضور).
ثم قال: (فالأحوال التي تتم الانتخابات العمومية المصرية فيها تؤيد رأي الذين يرون أن هذه البلاد لا تزال بعيدة جداً عن بلوغ المنزلة التي يستطاع فيها إنشاء شيء من المجالس