النيابية الحقيقية، وقد يتيسر تشكيل مظاهر حكومة كهذه، وإنما يستحيل ضمان تمثيل آراء أكثرية الأمة تمثيلاً صحيحاً فتكون النتيجة الوقوع في أيدي السياسيين الذين لا يهمهم سوى مصلحتهم فيسهل عليهم العبث بالنظام حتى يطابق أغراضهم).
ثم ختم هذا البحث بالكلمة التي تستحق الوقوف لديها كثيراً لأنها هي النتيجة المستخلصة من جميع هذه المقدمات إذ يقول:(لست أريد أن يحمل كلامي على رغبتي في الحط من فائدة هذين المجلسين في شكلهما الحالي أو المعارضة في ترقيتهما تدريجياً على نسبة قيامهما بتأدية ما أنيط بهما بالحكمة والعقل. فإن الاقتراحات التي يقترحها هذان المجلسان كانت تقع موقع الاعتبار لدى الحكومة دائماً، وقد تيسر في السنوات الأخيرة قبول كثير من اقتراحاتهما مما يدل على أنهما سالكان السبيل القويم. . .).
فالسير الدون غورست لم يكن مقصراً في تصوير عيوب الانتخاب، ولا كان عظيم الرغبة في الشهادة لمجلس الشورى أو الجمعية العمومية، ولكنه اعترف بالحقيقة التي هي خلاصة البحث في هذا الموضوع، وهي أن الهيئات النيابية تأتي بالفائدة التي لا يستغني عنها أيا كان نظام الانتخاب ومبلغ العناية بإعطاء الأصوات بين الناخبين.
ونحن نعلم من التجربة أن نظام الانتخاب ذو شأن في الحياة النيابية، ولكننا لا نبالغ في شأنه حتى نحسب إنه يغير تمثيل الأمة في مجالسها الدستورية.
فالطبقة التي يتألف منها مجلس النواب المصري هي هي بعينها كلما جرى الانتخاب على اختلاف القوانين من الدرجة الواحدة إلى الدرجتين ومن المندوبين الثلاثينيين إلى المندوبين الخمسينيين، وهي هي بعينها بالغاً ما بلغ عدد الناخبين في العواصم والأقاليم، لأن ألف ناخب يمثلون العناصر المصرية كما يمثلهم عشرة آلاف أو أكثر من عشر آلاف، إذ كان الاختلاف مقصوراً على العدد فلا يتجاوز ذلك إلى الاختلاف في تركيب البنية الاجتماعية أو تعدد المصالح الطائفية. فمائة ساكن من سكان المدن يمثلون آراء الشعب ويؤلفون عناصره كما يمثلهم أو يؤلف عناصرهم ألف أو ألفان، ومن أجل هذا لا يصح أن يقال أن قلة الناخبين تخرج للبلد مجلساً لا يمثل أكثرية الأمة كما قال السير الدون غورست في تقريره. فإن الألف تكرار (عددي) للمائة لا يترتب عليه تغيير في حقيقة المصالح ولا في حقيقة التكوين الاجتماعي ولا في حقيقة التربية السياسية. فلا سبيل إلى تمثيل اصدق من