للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على قدره. فكان القواد يهدون النشاب والأعمدة المصمتة من الذهب والفضة. والكتاب والوزراء والخاصة من قراباتهم جامات الذهب والفضة المرصعة بالجوهر، وجامات الفضة الملوحة بالذهب. والعظماء والأشراف يهدون البزاة والعقبان والصقور والشواهين والفهود. وربما أهدى الرجل الشريف سوطاً. وكانت الحكماء يهدون الحكمة والشعراء الشعر، وأصحاب الجوهر الجوهر، وأصحاب نتاج الدواب الفرس الفاره والشهري النادر. والظراف قرب الحرير الصيني مملوءة ماء ورد. والمقاتلة القسي والرماح والنشاب. وكانت نسوة الملك تهدي إحداهن الجارية الناهدة والوصيفة الرائعة، والأخرى الدرة النفيسة والجوهرة الثمينة، وفص خاتم، وما لطف وخف. وأصحاب البز الثوب المرتفع من الخز والديباج وغير ذلك والصيارفة نقر الذهب مملوءة بالفضة، وجامات الفضة مملوءة دنانير.

وكان للهدايا كاتب خاص، يكتب اسم كل مهد، وجائزة كل من يجيز الملك على هديته ليودع ديوان النيروز مهما كان شأن الهدية، صغرت أم كبرت، كثرت أم قلت. فإذا أهدى أحدهم الملك هدية، ثم لم يخرج له من الملك صلة، عند نائبة تنويه، أو حق يلزمه، فعليه أن يأتي ديوان الملك ويذكر بنفسه.

ويذهب آدم متز إلى أن المهرجان كان يمتاز خاصة بأن الرعية يهدون فيه إلى السلطان، ولا وجه لتمييز المهرجان من النيروز وقد رأيت أن الجاحظ جعلهما سواء، وذكر هدايا المهرجان، وهدايا النيروز. وقد كان النيروز عيداً قومياً، يحفلون به حفلهم بعيد الفطر، ويتبارون فيه بالقصائد والهدايا.

ولنر الآن أنموذجات من هذه الهدايا، في ضروبها وأصنافها.

فقد أهدى المنصور الوصائف من الرجال. حدث الفضل بن الربيع عن أبيه قال: كنت في خمسين وصيفاً اهدوا للمنصور، ففرقنا في خدمته.

وأهدت جارية إلى المهدي تفاحة، فأعجب بهذه الهدية وقال:

تفاحة من عند تفاحة ... جاءت فماذا صنعت بالفؤاد

والله ما أدري أأبصرتها ... يقظان أم أبصرتها في الرقاد؟

ولما عشق أبو العتاهية عتبة، جعل هديته إلى المهدي وسيلة لوصالها. فقد ذكر المبرد أن أبا العتاهية استأذن في أن يطلق له أن يهدي إلى أمير المؤمنين في النيروز والمهرجان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>