على الذين يشنعون على نبي الإسلام فيرمونه بالكذب والانتحال، ويرى أن مثل هذا التفكير البعيد جداً عن جادة الصواب خطر على سيادة العقل بل مخجل للمسيحيين أنفسهم. - فنهاك مائة وثمانون مليوناً من الأنفس يدينون بالإسلام ويؤمنون بمحمد كرسول من عند الله، ويتخذون سنته مرشداً لهم في الحياة - ويتساءل قائلاً: هل من المعقول أن هؤلاء جميعاً ينساقون وراء مشعوذ دجال؟ وهل بلغت الشعوذة من القوة والسيطرة ما يجعل لها هذا السلطان على هذه العقول؟ الواقع أن هذا التخبط راجع إلى اضطراب العصر - ثم - هو يرى أن محمداً كان مخلصاً بحق لدعوته فقد نظر إلى العالم نظرة كلها حياة ففني في حب الاله، وربط ما بين الأبدية وما بين عالمنا، فلو كان محمد نبياً أو شاعراً فهو في كلتا الحالتين رجل غير عادي.
هذه اللفتة الطيبة في معالجة شخصية محمد وتلك الروية والرغبة في الوصول إلى حقائق مجردة عن التعصب ازدهرت في عصرنا الحاضر فأعتبره الكثيرون في مقدمة المصلحين الذين بذروا بذرة صالحة في حقل الحضارة والمدنية، ولكنهم أي هؤلاء العلماء اختلفوا في الحكم عليه بل لم يستطع بعضهم الوصول إلى رأي ثابت. ولعل أوضح هؤلاء المستشرقين الذين دافعوا عن محمد واهتموا بدراسة سيرته تور اندراي الألماني الذي يعتقد في نبوة محمد ويستفيض بحماس في تقدير رسالته التي تعتمد في أصولها على البساطة والفطرة، وهو يتساءل في اخر كتابه عن محمد قائلاً: هل يمكننا مع هذا أن نتوصل بحق إلى تفهم شخصية محمد على وجهها الصحيح. . .
الواقع أن علماء الغرب مازالوا متحيرين في حكمهم النهائي على محمد.