الجديدة التي لم يعرفها الفقهاء من قبل كتحليل الدم وكآثار الأيدي والأقدام، وغير ذلك مما يعرفه علماء التحقيقات الجنائية وأهل الخبرة) ثم تكلم عن الحكم بالقرائن، وضرب لذلك أمثلة ختمها بقوله:(بهذا يتبين أن الأخذ بالقرائن في الأحكام ليس من مبتكرات القوانين الحديثة، وإنما هو شريعة إسلامية جاء بها كتاب الله وقررته السنة ودرج عليه حكام المسلمين وقضاتهم في جميع العصور، وإن رمي الشريعة بالقصور أو الجمود في طرق الحكم ناشئ إما عن الجهل أو عن سوء النية) وإن كل ما أورده المحدثون من تقسيم للقرائن موجود بذاته في كتب الفقه الإسلامي. ثم انتقل الشيخ بعد ذلك إلى الحديث عن القصاص، وسبيله في هذا أن يشرح الآيات والأحاديث الواردة في هذا الموضوع مبيناً مقاصده ومفصلاً أحكامه.
ومما يروع القارئ في هذا الباب قدرة الشيخ على التطبيق واستقلاله في الفهم ووصله الفقه الإسلامي بالحياة الحديثة، وقد مهد لموضوعه بالكلام عن العقوبات في الشريعة، وقسم العقوبة إلى منصوص عليها، والى تفويضية يرجع تحديدها إلى الحاكم، وبين أن العقوبة التفويضية مجال واسع يتسع لكل ما يجد في الحياة، وبعد هذا البيان قال:(ولا يرتاب منصف بعد هذا في أن هذه العقوبة أساس قوي ومصدر عظيم لأدق قانون جنائي تبنى أحكامه على قيمة الجريمة وظروفها المتصلة بالجاني والمجني عليه ومكان الجريمة وزمانها في كل ما يراه الحاكم اعتداء على الحقوق الأفراد أو الجامعات، بل في كل ما يراه ضاراً بالمصلحة واستقرار النظام).
ومما أبدع الشيخ فيه وأمتع حديثه عن حق العفو، وان الشريعة الإسلامية قصرته على ولي الدم، ولم تجعله في يد الحاكم ليكون هذا أدعى إلى اطمئنان النفوس وطهارتها من الأحقاد والأضغان وأمن المحظور والفتنة.
وقد بلغ الشيخ التوفيق غاية التوفيق فيما كتبه عن الشروع في القتل، وعن معنى التحريم في قوله تعالى:(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق). وعن آلة القتل وعن القصاص فيما دون النفس إلى غير ذلك من الموضوعات التي لا بد للقارئ من الرجوع اليها في الكتاب نفسه.
وإذا كان لي رجاء أتقدم به إلى أستاذنا الكبير، فهو أن يقدم لنا (المعاملات) في الفقه