وإذا تدبرت وظيفة الناقد من بعض ما ذكرته تبينت لك العلاقة بين النقد وعلم النفس، فأن موضوعه تحليل الأحاسيس والعواطف، والبحث عن طبيعة الجمال وما يصدر عنه من الانفعالات والأهواء، ولذلك لم يصبح النقد عند الفرنج فناً مستقلاً له قواعده ومذاهبه إلا في القرن التاسع عشر بعد أن ارتقى علم النفس وانتشر وازدهر. ومنذ ذلك الحين تابع رقيه حتى بلغ أوجه وأدرك تمامه، فأثر في فنون الأدب ابلغ التأثير، وعدل في بعض أنواعها كل التعديل
فإذا أضفت إلى الأمور الخمسة التي تقدمت، هذا الأمر السادس وهو جهل القدماء بعلم النفس كما كان يجهله غيرهم، اجتمعت لديك الأسباب التي أدت إلى ضعف النقد عند العرب، والنتائج التي أحدثت هذا النقص البادي في تاريخ الأدب.