تعطيه وتفسده وتجعل أكثره ينبت نباتا سيئاً. ولا بد أن يكون فيه المعوج بالطبيعة ولكنه لا يكون الأكثر في العادة.
ولن يفقد الزارع أمله من الزرع إذا ما خانه حظه في موسم من المواسم فييأس ويقول: إن هذا النوع من الزرع ملعون! ولن ازرعه، إلا إذا كان أحمق.
ونحن الذين نعلم أن كل مولود يولد على الفطرة ثم تلحقه عوامل التربية والبيئة فيتكيف بها ينبغي لنا أن نتربص ونتوجه بكل جهود الإصلاح إلى قلوب الطفولة منطقة النمو الإنساني، ونجتهد أن تنبت نبتاً طيباً وعلى الله الباقي!
ذلك حديث اذكر به صديقي بقضية الإنسانية والإيمان بها، وآثار ذلك وضده من النواحي العملية والاجتماعية.
غير أن للقضية وضعاً آخر من الناحية الفلسفية قد لخصته في تلك العبارة التي لاشك رآها الصديق في كتابي عن القضية وهي:
(أومن بالإنسان لأومن بالكون ورب الكون؟ فلن يؤمن الفرد الإنساني بهما إن لم يؤمن بنوعه؛ لأن عقل الإنسان هو المنظار الذي ندركهما به، فإن أهدرنا قيمة الإنسان أهدرنا عقله، فلا يبقى ما ندرك به كوننا وربنا!! ويعيش أكثرنا كما يعيشون الان، تضطرب بهم مجهولات الكون ومعلوماته كغرقى طافين على أكف الأمواج، لا يعقلون شيئاً ولا يؤمنون بالكون والنفس ولا بربهما، وإنما يعيشون في ذهول وبلبلة وشك، ثم يمضون إلى ظلمات القبور).
تلك هي القضية وهي أشبه (بمعادلة رياضية) وهي عندي القضية الفكرية الأولى في الدين والعلم والفلسفة.