للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانتفض جحا غاضبا، وصرخ فيه متعجبا. (إذا فاتك النص يا هذا فلا يفوتنك الذوق! كيف استقام في ذهنك أن يسقط عليهم السقف من تحت؟ قل من فوقهم لا أبا لك؟

إحدى اثنتين أيها السادة:

أما أن نأخذ بالتاريخ المقلوب، كما أخذ ذلكم المحقق، فننكر صلة نصر الدين ببايزيد بله تيمورلنك!

وأما أن نأخذ برواية من يثبتون لنا مؤكدين انه صحب بايزيد كما صحب تيمورلنك من بعده، فننكر صحة التاريخ المكتوب على القبر طردا وعكسا، ونسقط رأي أولئكم المحققين إثباتا كانوا أم غير إثبات.

فأن كان لا بد من التشبث بالأرقام الثلاثة التي يتألف منها التاريخ المثبت على جدثه وهي ٣٦٨، فليس لنا مندوحة عن نقل رقم الثمانية من الطرف الأيمن إلى الطرف الأيسر، أعنى: من رقم الآحاد إلى رقم المئات فتصبح حينئذ ٨٣٦ هـ. وهذا التاريخ

- على أي حال - في حدود الممكنات، إذا استحال علينا الأخذ بالتاريخيين السالفين طردا وعكسا. فإذا أبينا إلا الاسترسال في تحوير الأرقام وتقليبها على كل وجوهها لم يبق أمامنا إلا تحوير واحد، هو آخر ما يتبقى لمن يحلو له أن يتشبث بها، لم يبق إلا تاريخ ٨٦٣ هـ، وهو كما ترون: أبعد احتمالا من سابقه، وان لم يكن ممعنا في الاستحالة إمعان التاريخ المثبت على القبر مثبتا ومقلوبا، هذا إذا تسمحنا في عمره بأنه لم يعش إلا ستين عاما أو قريبا كما يقول القائلون.

فلو انه عاش مائة عام مثلا لما استحال على الباحث أن يأخذ بهذا التاريخ. على أن خير الأمور الوسط، والاعتدال، كما يقولون، هو: الحسنة بين السيئتين.

من بدائع ما يروى من الطرف في هذا الباب أن متحدثا ممن وهبهم الله_إلى نعمة الغباء والغفلة_عجمة اللسان، قال: (حسن وحسين بنات معاوية بن عفان).

فصاح فيه أحد السامعين متعجبا:

قل لي بأي خطأ في هذه الجملة القصيرة أبدأ تصويبه:

فأول الأشياء هما: (حسن) و (حسين) وليسا (حسنا) ولا (حسينا):

والثاني انهما ليسا من النساء بل من الرجال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>