للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

السعي وراء تحقيقها، فها هي الروح الجديدة التي كنت أتساءل عما إذا كانت وصلت إلى الأزهر، وها هو الزرع المبارك الذي بدأ ينبت بإذن ربه، فالمناقشة التي تلت هذه الكلمة جاءت بمثابة تطبيق للمبادئ التي وضحها سعادة الرئيس، فالأستاذ صاحب الرسالة - وهو واقف رابط الجأش أمام المجلدات الأربعة لرسالته - أخذ يشرح موضوع رسالته، ثم يجيب بهدوء عن الأسئلة التي وجهها إليه بالتوالي أعضاء اللجنة؛ وهي أسئلة دقيقة تنفذ إلى لب الموضوع وتحاول تارة نقد منهج البحث، وتستفسر طورا بعض نتائج الرسالة؛ حوار بديع علمي رزين، أعاد إلى ذاكرتي تلك الرسالات التي تناقش في أوربا؛ ولكن هنا مع شيء من (الظّرف) المصري الذي لم يقلل شيئا من جد المناقشة؛ بل يكسبها روحا شرقية خاصة لم أجدها في الخارج.

وفي تمام الساعة الثامنة والنصف - عني بعد مناقشة استغرقت ساعتين - رفعت الجلسة، وخرجت اللجنة للمداولة، ولما رجعت إلى قاعة المناقشة نطق سعادة الرئيس بالحكم قائلا: (بعد أن تناقش أعضاء اللجنة فيما استبانوه من حسن الاستعداد الفلسفي، واتساع الأفاق، والمجهود القيم في التأليف، والمثابرة على العلم، ومراعاة الخلق العلمي، وتلقي النقد بصدر رحيب يدل على محبة الحق. . . قررت اللجنة فوز فضيلة الأستاذ الشيخ محمد بن فتح الله بدران بشهادة العلمية مع لقب من درجة ممتاز في التوحيد والفلسفة). فدوت القاعة بالتصفيق والهتاف. . .

ورجعت إلى (الدير) والذهن مملوء بتفاصيل هذه الحفلة الثقافية العليا؛ فحدثتني نفسي أن أسطر هذه الأسطر؛ لعلها تساهم - لا من جهة الرأي الشخصي؛ بل من جهة الواقع المحسوس - أقول: لعلها تساهم في إيضاح مشكلة الأزهر التي عولجت مرارا على صفحات مجلة الرسالة الغراء.

الأب قنواني

<<  <  ج:
ص:  >  >>