جهل خصومه قائلا أن كتابه أسمه (تتراكوردون) أذيع في الناس من وقت قريب فبلغ من جهل بعضهم أنهم نظروا حيارى إلى عنوانه قائلين ما هذه الكلمة التي اتخذت له عنوانا، وقرأ بعضهم فأخطأ النطق وعجز عن الهجاء؛ ثم يعجب الشاعر من هؤلاء ويستعرض بعض أسماء ألفوها ويتساءل قائلا: لم يكون عنوان كتابه أعسر منها في أفواه هؤلاء السادة، وقد الفت أفواههم العسير الجافي من الكلم، ثم يذكر أول أستاذ للغة الإغريقية في كمبردك في القرن السادس عشر، ومعلم الملك إدوارد السادس وهو سيرجون تشيك، فيناجي روحه قائلا:(إيه يا روح سيرجون تشيك! أن عصرك لم ينفر من المعرفة إذ كنت تعلم كمبردك وتعلم الملك الإغريقية كما ينفر من العلم عصرنا الذي نعيش فيه).
وفي المقطوعة الثانية كان ملتن اشد حنقا وأوجع هجوا منه في سابقتها وحسبك منه قوله: (إنما جهدت أن أحمل أهل هذا العصر على أن يتخلصوا من قيودهم، وذلك بالرجوع إلى قواعد الحرية القديمة المعروفة، وبينما اعمل عملي إذ أحاطت بي جوقة من البوم والحمير والقردة والكلاب، ففعلوا بي كما فعل أولئك القرويون الذين أحيلوا إلى ضفادع جزاء بما أجرموا إذ هوشوا على نسل لأتونا التوأمين اللذين صار لهما بعد ذلك ملك الشمس والقمر؛ وذلك الذي نالني إنما هو كل ما يناله الرجل من جزاء إذ يلقى باللآلئ إلى فصائل من العجماوات تجهد في غبائها المجرد من كل حس في طلب الحرية، حتى إذا جاءها الحق الذي يكسبها الحرية ثارت ضده وتألبت عليه؛ وهؤلاء إنما يعنون الفوضى إذ يهتفون بالحرية؛ فأن من يعشق الحرية ينبغي أولا أن يكون خيرا عاقلا؛ وأنا نستطيع أن نرى إلى أي مدى يبعد هؤلاء عن الهدف على الرغم مما ينفق من مال وما يبذل من دم.
ولئن بلغ الحنق هذا المبلغ على أهل عصره بوجه عام، فقد كان حذقه على البرسبتيرينز أشد من ذلك درجات، وكان أسفه لما كان من موقفهم حياله اعظم وأقوى، فمن أوهى الأمور وأقبحها أن تأتي الخيبة من حيث يلتمس الرجاء، وان تقع البلوى على يد عند من يطلب عنده العزاء. . .
آلم ملتن وزاده غما على غم أن يعلم أن البرسبتيرينز على منصاتهم وفي كتاباتهم يصفونه بالطيش، ويقررون انه يذيع مبادئ إباحية، وانه بما نشر يمثل الإلحاد والفسوق عن أمر الله أتم تمثيل؛ ولكن روحه القوية لم تهن وان أصابها الحزن، ونفسه الأبية لم تذل وان