المهول هذا قصر رومانتيكي للغاية). كذلك كتب سامو يل بيبيس أحد الثقاة في تاريخ إنجلترا في القرن السابع عشر وصفا موجزا في ١١ من مارس سنة ١٦٦٧ للدسائس السياسية التي كان يحيك أطرافها ملك فرنسا وقال في الختام (هذه الأمور رومانتيكية قلبا وقالبا على وجه التقريب، غير إنها حقيقية فقد أفضى إلى سيره. تشو ملي الملك نفسه رواها له بالأمس).
وإن دل هذا على شيء فلا يدل إلا على ثبات لفظة رومانتيكي على المعنى الذي أسلفنا فيه القول، واتصافها بكل ما هو ناء قصي عن العرف والتقاليد أو ثائر عصى على المألوف والمعقول. وقد استعمل توماس سبرات هذه اللفظة في كتابه:(تاريخ جمعية الأبحاث العلمية الملكية)، للمقابلة بين منهج البحث العلمي البحت، وبين منحنى التخيلات وما يشوبها من إغراق لا غناء فيه، قال: وسوف يكون هذا المنهج يرد لأذهاننا من التضخيم الرومانتيكي لأنه يكشف لها عن الأشياء في صورها المألوفة. وفي مثل جرمها تماما (وفي موضع آخر يقرر سبرات أن ما أصاب العلم من الغمز واللمز كان على يدي خصومه من المتحذلقين والمتفلسفين اللذين يرون أن العلم يصبغ الناس بصبغة رومانتيكية، ويدفعهم إلى تصور الأشياء على صورة أكثر كمالا مما تحتمله الأشياء ذاتها.)
ثم أقبل القرن الثامن عشر وبسطت عليه فلسفتها هوبز ولوك ظلالهما الوارفة، ووجد العلم التجريبي مرتعا خصيبا وأحرز نصرا مبينا، فأزداد الرأي القاتل، بأنه في الإمكان تفسير العالم على ضوء العقل دون اللجوء إلى ما هو خارق أو الولوج إلى ما هو غامض، قوة ويقينا. ومصداق هذا الرأي ما جاء على لسان هرد (أن نور العقل قد أشرق منذ عهد قريب، وهو يوشك أن يسيطر على أطياف الخيال الجسيمة.) هذه الأطياف التي كانت تنزل في القلوب منزل اليقين بمالها من قوة اقتناع وشدة تأثير، ثم ما لبثت أن أودت بها عجلة الزمان ويد الحدثان هي التي أجمع النقاد على نعتها بالرومانتيكية.
وقد سبق إلى أن ألمعنا إلى ما للرومانتيكية من صلة بالعصور الوسطى، ولآن يحق لنا أن نتساءل لماذا لم يرض هيني عن هذه الصلة من حيث هي صلة لا أكثر ولا أقل، حيث يزعم أن لفظتي رومانتيكي وميديفال مترادفتان متكافئتان في المعنى والجواب على ذلك هو ما جاء على لسانه (ما هي المدرسة الرومانتيكية في ألمانيا؟ إنها لم تكن ثمة شيء آخر