الرحال، ليقيم فيها منصرفا إلى الله وطلب رضوانه، مقبلا على تفهم كتابه وسنن نبيه.
ومن هنا نبغ في فلسطين من أئمة الفقه ورجال السنة، من بقيت آثارهم وفتاواهم - إلى اليوم - شاهدة على مبلغهم من هذا العلم، وتبحرهم فيه. ومن هؤلاء: شيخ السلام خير الدين الرملي (صاحب الفتاوي الخيرية) والشيخ محمد الخليلي (صاحب الفتاوي الخليلية)، والشيخ سعد الدين الديري الخالدي (صاحب السهام الخارقة في الرد على الزنادقة)، والشيخ منيب هاشم الجعفري النابلسي (صاحب الفتاوي الشهيرة). وحسب فلسطين فخرا أن تنجب على رأس هؤلاء: الإمام الجليل (أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي الغزي) الذي طبق ذكره الخافقين، وأنتشر مذهبه في بعيد الآفاق.
(أضف إلى ذلك افتقارها إلى مفاتن الطبيعة وجمالها الفطري، وخلوها من أتساع الحضارة وارتقاء العمران. فلا أنهار تسلكها قوارب المتنزهين وطلاب المتعة، وتنتشر على ضفافها الحدائق والمتنزهات ومواطن اللهو، ولا مدن كبيرة واسعة الرجاء، مزدهرة الحضارة، كثيرة الأرباض ملتفة الرياض والغياض. كما هو الحال في القاهرة ودمشق وبغداد والمدينة وغرناطة وسواها).
ومن هنا نتبين أن فلسطين حديثة عهد بنهضتها الأدبية، حتى أنه ما يزال معظم هؤلاء المؤسسين لها أحياء يرزقون. ونرجو الله أن يمد في آجالهم حتى يؤدوا رسالاتهم على أتم الوجوه وأكملها.
ولعل الكثيرين من إخواننا في مصر (وغير مصر) يجهلون أن في فلسطين نهضة ثقافية وحياة أدبية، ولا عجب فأننا نكاد نعيش في معزل عن العالم العربي، لقلة وسائل النشر عندنا. فلا مجلات شهرية تضاهي (المقتطف) و (الهلال)، ولا مجلات أسبوعية تماثل (الرسالة) أو (الثقافة). اللهم إلا مجلة واحدة، كان يصدرها قلم المطبوعات (شهرية)، إبان الحرب الأخيرة، وأسمها (المنتدى). وكان معظم ما ينشر فيها بأقلام مشاهير الكتاب من مصريين وسوريين، وبعض الفلسطينيين، ولذا لا تعتبر صورة صادقة عن الأدب الفلسطيني الخالص.
كما أنه ليست هنالك دار للنشر تضاهي (دار الكتب) أو دار الهلال)، خلا دار حديثة ناشئة، قام على تأسيسها جماعة في (يافا)، وهي تصدر سلسلة شهرية من كتيب صغير، على