غرار سلسلة (أقرأ) في مصر إلا أن هذا الكتيب ينقص كثيرا في حجمه عن كتيب (أقرأ)، بالرغم من أنه يساويه بالثمن، وقد صدر من هذه السلسلة إلى الآن خمسة أعداد على ما أذكر.
إذن ماذا يصنع الأديب الفلسطيني ليعرفه الناس ويعرفوا آثاره الأدبية؟ إن أمامه واحدا من السبل التالية، وليس له عنه منتدح:
فأما أن يطبع كتابه أو ديوان شعره من خالص ماله، ويعرضه في الأسواق (مجازفة) ويرتقب حظه، ولا يقدم على هذا في الغالب إلا الموسرون من الأدباء. وهؤلاء كثيرا ما يصادفهم النجاح.
وإما أن يهتبل فرصة ملائمة، تسوقها مناسبة من المناسبات. ويبادر فيحتجن إلى نفسه هذا المجال المحدود الذي تعده الصحف اليومية لذلك، (وعندنا منها صحيفتان هما الدفاع وفلسطين)، فيملاء ذلك المجال بشعره أو بنثره الذي أعده لتلك المناسبة.
وإما أن يترقب ميقاته في (محطة الإذاعة الفلسطينية)، ليحاضر الناس من وراء المذياع بشيء من أدبه. وهذه المحطة تعد في برامجها أحاديث أدبية، يقدمها في الغالب أديب فلسطيني أو أديبة فلسطينية.
وقد يتجنب الأديب هذه السبل جميعا فينظم أو يؤلف لنفسه، (وكثيرا ما يأتي بروائع مدهشة. فيبقى بعيدا عن الناس، لا يدري خبره إلا خاصة إخوانه وصفوة خلانه، وسأقدم بعض هؤلاء الأدباء، واستشهد ببعض أقوالهم مصدقة لما وصفت.
هذا ما يفعله الأديب في فلسطين ليتعرف إلى الناس ويقدم إليهم إنتاجه، وليس كل أديب عندنا يشأ إلى نشر أدبه في الأقطار المجاورة، بل قليل ما أولئك.
وهاأنذا أقدم بعض هؤلاء الأدباء الذين استطاعوا أن ينشئوا النهضة الأدبية في هذا القطر، وبالرغم من ضيق ذلك الأفق الذي يحوط بالأديب كما أسلفت، وأذكر في طليعتهم بعض من تقدم بهم الزمن. فظهروا في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحاضر وتركوا آثارا قيمة بين مخطوط ومطبوع ومنهم:
الأستاذ يوسف باشا الخالدي: وقد عاش هذا الأديب حياته بين العلم والسياسة، فكان واليا ثم مبعوثا في البرلمان التركي، فرئيسا لبلدية القدس، كما كان مدرسا في فلسطين، ثم أستاذا