للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان الاسكاف (سيمون) يعيش مع زوجته، وأبنائه في شظف من العيش يسكنون كوخا صغيرا مغبرا، بأجر من المال يؤدونه لصاحبه الفلاح. . . وكان سيمون يكسب رزقه من عمله في جهد وجحد، وينفق كل ما تمسكه أنامله من دراهم على إطعام عائلته، وما أندر الخبر في ذلك الحين!

وكان للرجل وزوجته مدرعة من صوف يرتديها كل منهما حينا في الشتاء، حتى رثّت وبليت، وقد تقّضى عام وهو عازم على شراء مدرعة أخرى، فما أن أقبل الشتاء، حتى أمكنه أن يقتصد بعضا من المال: ثلاث (روبلات) وخمس (روبلات) وعشرين (كوبك) يدين بها بعضا من زبائنه!

وتهيأ ذات يوم ليؤم القرية، فارتدى (مطرف) زوجته على قميصه، ثم لبس ثيابه الأخرى فوق ذلك، ووضع الثلاث (روبلات) في جيبه، واقتطع لنفسه عصا يتوكأ عليها، واتخذ سبيله إلى القرية بعد أن أفطر. . .

وفي طريقه راح يحدث نفسه: (سوف أحصل على الخمس (روبلات) وأضيفها إلى الثلاث (روبلات) فيصير ما معي كافيا لشراء مقدار من الصوف لمدرعة الشتاء!)

ولما بلغ القرية بعد لأي طرق باب أحد الفلاحين فلم يجده بالدار، ووعدته زوجة الفلاح أن النقود سوف تصله في الأسبوع القادم! وطرق (سيمون) باب فلاح آخر، فأقسم له هذا أن يديه صفر من المال، وسيدفع له كل ما معه (عشرين كوبك) قيمة إصلاح حذاء قام سيمون برتقه!

فحاول (سيمون) أن يشتري (صوف المدرعة) بما معه، وبقرض يؤديه بعد حين، فرفض البائع قائلا في صوت ساخر؛ (إيتني بالمال، وسوف يكون لك ما توده من الصوف، فإنا نعلم كيف يحصل المرء على دينه!)

فأحس سيمون بالخور يسري في جسده، والقنوط يتسرب إلى فؤاده، فقام إلى حانة حيث نهل كأسا من الخمر بعشرين (كوبك)، وقفل راجعا إلى داره!

كان للخمر أثرها في سيمون، فسرى الدفء في عروقه، وزادت من قوته ونشاطه. فراح يفكر: (إني أحس بجوانحي تختلج دفئا وحرارة، مع أني لست مرتديا مدرعة من الصوف، لقد تناولت قطرة من الخمر فكان لها أثر النار تسري حرارتها في عروقي، فلست بحاجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>