للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتساءل المعنيون بالرياضة عندنا عن السر في تلك السرعة وهم بين مصدق ومكذب، فقال بعضهم: لعلها غريزة الجماعة الحيوانية تسري بعدوى الملازمة من الحيوان إلى الإنسان!

وقال غيره: لعل السر في الحشائش والأعشاب التي قصر عليها الغلام غذاءه. فهي على ما يظهر أصلح لمرونة المفاصل والعضلات من اللحوم والأغذية المطبوخة التي يأكلها الرياضيون!

والواقع أن اللحوم لا تعوق آكلها عن العدو لأن كلب الصيد من أسبق الأحياء عدواً وأصبرها على الجري الطويل، ولأن العرب كان فيهم عداءون لم يأكلوا شيئاً غير اللحوم والألبان، وإن أكلوا الحبوب والخضر ففي الندرة بين الحين والحين.

ونعرف في أعلى السودان قبائل قد اشتهر أبناؤها بعبور الصحراء، أو - العتمور - كما اشتهروا بالجلد على الجري والركوب وهم يأكلون اللحوم ويعافون كل (ملاح) أو كل خضر مطبوخ معالج بالملح على الطريقة السودانية. ومن كلام شاعرهم يفتخر:

(ولا نشرب المدام نسكر ... ولا بنا كل الملاح لا خضر)

وفيما بيننا أمثلة غير قليلة على السباقين من آكلي اللحوم أو الذين لا يصومون عنها على الأقل لغرض من هذه الأغراض.

فليس في الظنون والأوهام - فضلا عن الحقائق والمعلومات - تفسير صالح لتلك الأعجوبة المزعومة أو تلك المعجزة التي شاء الله أن تصاب (بالسرعة) في الزوال، وهي سرعة لا تؤذن بالجدال

فبينما الناس في هذا التساؤل إذا بمندوب المصور في بيروت يزور الصبي في مستشفى (ابن سينا) الذي نزل فيه بدمشق فلا يلاحظ عليه شيئاً من الشذوذ، وقد ابتسم الصبي له وأظهر له قدميه فلم تكن بهما خشونة مستغربة؛ بل كانت لها نعومة كنعومة أقدام الأطفال. وعلم المندوب من الطبيب (أن الصبي مر بالدور العادي في طفولته، وأن أمه أرضعته حتى فطمته، وأن قصة رضاع الغزالة وهم وخرافة).

وقد فسر مدير الصحة العامة بدمشق هذه الحادثة بأن الصبي قد تاه في الصحراء، وربما تعلق بسيارة وصلت به إلى الموضع الذي وجد فيه، أو ربما خرج في صحبة بعض البدو ثم ضل الطريق، ولا يستدل منه على حقيقة الأمر لأن المسكين مصاب ببكم قديم. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>